جمعية الاخوين لوميير للسينما
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
جمعية الاخوين لوميير للسينما

Association Frères Lumière du Cinéma
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 جراح الروح والجسد ج 10

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
م.ت.بحرية

م.ت.بحرية


المساهمات : 253
تاريخ التسجيل : 27/11/2007

جراح الروح والجسد ج 10 Empty
مُساهمةموضوع: جراح الروح والجسد ج 10   جراح الروح والجسد ج 10 Emptyالخميس ديسمبر 27, 2007 11:59 am

ضحكت الهام:
- لا انها بنت مدارس واتت فقط للفرجة.
صرخت بشرى ووقفت وهي لا تكاد تصلب طولها:
- أتت للفرجة ؟ نحن قردة ؟ قفوا جميعا واقفزوا وقوموا بحركات بهلوانية حتى تتفرج علينا الآنسة فنحن قردة , بهلوانات والآنسة البورجوازية أتت للفرجة. اسمعي نحن نقحب علانية " على عينك يا بن عدي " , لكن أنت و مثيلاتك تتخفين وراء الأقنعة و تفعلن فضائح يندى لها جبين الشيطان.
كان كل من في البار ينظر الينا . عرق بارد يلف جسمي .

جاء شخص طويل و ضخم الجثة أمسك بشرى من ذراعها:
- هل تنوين المبيت الليلة في " الكوميسارية " ؟ اجلسي بهدوء أوانصرفي.
جلست . انصرف الرجل الضخم , قلت لبشرى:
- سأنصرف.
- لن تنصرفي , ستجلسين و تسمعين . ألم تأت للفرجة والتسلية ؟ سأسليك بحكاية جميلة . يبدوانك سادية تتسلين بهموم الآخرين , هل أنت صحافية ؟
قلت بتأفف وانا ألعن جذور أجدادي واجداد إلهام واجداد هذه ال" بشرى " المخمورة :
- أنا لست صحافية , كل ما في الأمر أنني جننت هذه الليلة واتيت الى هنا.
- لا أنت صحفية , أين كاميرا التصوير؟
- يا الهي أي علكة هذه ؟
- لايهم الكاميرا , أنا كذلك أردت أن أكون صحفية, أختي كانت تريد أن تصبح طبيبة بيطرية.
صمتت قليلا و بدت شاردة :
- كان عمري أربع سنوات عندما أخذنا أبي أنا وامي وأختي الى فرنسا . كان يعمل هناك , كبرت كأي فرنسية لكن كنت أشعر ببعض الغربة. في بعض الأحيان عندما ينظرون الى لوني الأسمر و يسألوني من أي بلد انا أتذكر فورا بأنني غريبة مهاجرة . في فرنسا يعاملوننا كالغرباء و عندما نعود الى المغرب يعاملوننا على أساس اننا غرباء . لا نشعر بأي انتماء , الغربة تلاحقنا . كنا نأتي مرة كل سنتين الى المغرب , لا نمكث هنا في البيضاء فنحن من الجنوب من أرفود .
هل ذهبت مرة الى أرفود ؟
لم تنتظر جوابي واكملت :
- أقسم أنك لم تذهبي أبدا , حتى ربما لا تعرفين موقعها على الخريطة . المهم ذلك العام ذهبنا الى أرفود كالعادة . كنت أكره تلك المدينة . كانت كالسجن : حرارة لا تطاق , لا يوجد أي مكان للتسلية , رمال , رمال . شيء واحد كان يصبرني هو انني كنت أعرف أنني سأعود الى فرنسا: الحرية , الأوكسيجين . في أحد الأيام قا ل أبي لنا أنا اختي :
- ستتزوجان ابني عمكما و تسكنان هنا في أرفود
ضحكنا. ظنناها نكتة. لكنها أبدا لم تكن نكتة. كانت كابوسا مخيفا . أتعرفين ماذا كانت حجته ؟ قال انه يخاف أن نبلغ سن الرشد و نتمرد عليه و نتزوج أجانب . والدتي لم تستطع الدفاع عنا . لم أستطع أن أتخيل نفسي واحدة مثل باقي النساء : آكل , أتغوط وأفتح فخذي لأنجب دزينة من الأطفال . وارفود هذه أكرهها . مزق جوازي سفرنا , ليبقى حل واحد الهرب . لم أفكر أبدا في الانتحار . هربنا الى البيضاء والنهاية ها هي أنا هنا , أختي في أكادير مع الخليج والألمان وابي يبحث عنا وانت تتفرجين وانا أسكر وادخن الحشيش وانتظر زبونا جيبه منتفخ أذهب معه واسرقه صباحا.
و ضحكت ضحكت بلا معنى و قالت وهي تنظر لدخان سيجارتها المتطاير :
- أبي كان يخاف أن نفقد عذريتنا . نكتة.
وضحكت ضحكة مدوية جعلت الجميع يلتفت نحونا :
- فقدتها و عمري ثلاثة عشرة سنة , أخذها الغراب و طار وأبي يظن نفسه " ذكي " , " معلم " , " فايق و عايق ".
جاءت إلهام و قالت لي :
- هيا بنا سيوصلنا زبون بسيارته. هذا أفضل حتى لا يلقى علينا القبض من طرف الشرطة.
نظرت الي بشرى و قالت بأسى :
- هل رأيت ؟ كلنا أولاد ناس لم نختر مصيرنا , كنت مجبرة على ذلك .
- لكن خديجة لم تكن مجبرة على أي شيء .
نظرت الي باستغراب :
- من خديجة هذه ؟
سحبتني الهام من يدي :
- يبدو ان دخان السجائر أثر عليك هيا بنا .
أحسست أن كيسا من الرمل موضوعا فوق قلبي لا يريد أن يتزحزح , تمنيت لو ضممتها الي , أمد لها يدي ببعض الماء لأمنح وجهها بعض البلل .
في البيت سألتني إلهام :
- هه ؟ أما زالت التجربة مثيرة و مخيفة ؟
صمتت وصورة بشرى الطفلة السمراء لا تفارقني .

أتى أبي يوما مكفهرا . ناداني وقال دون مقدمات هذه المرة :
- " قدور " مات , انتحر .
- كيف حدث ذلك ؟
- لا أدري . الأخبار التي وصلتني تقول أنهم وجدوه مشنوقا في " جراج " الفيلا التي يسكنها هنا ك في فرنسا.

شعور غريب انتابني : لم أحزن و لم أفرح . لماذا انتحر؟ كان أبي يذرع الغرفة جيئة و ذهابا و يداه خلف ظهره:
- لابد أن في الأمر سرا . لماذا انتحر ؟ لا بد أنها " النصرانية " علمت أنه سيتركها و يأخذ أولاده ف... كل الشرور تأتي من المرأة , الشر امرأة و...
( الخير رجل طبعا . نحن النساء شريرات وانتم الرجال طيبون واخيار ).
كان والدي يحدث نفسه :

- لماذا انتحر ؟ لو صبر قليلا و تزوجك وبعد ذلك فليمت . كل الأموال التي هنا أو في فرنسا ستأخذها " النصرانية " : العمارة , الرصيد .. الهمزا طارت . سأرفع عليها قضية واطالب بحقي في الارث .
( يطالب بحقه في الارث ؟ لكن ما صلة القرابة بينه وبين " قدور " ؟ انه ابن عم خال جد مراة أبوه أولاأدري ماذا . ريحة الشحمة في الشاقور) .
نظر الي :
- ما رأيك أن أرفع قضية ؟
كنت أعرف أنه لن يسمع كلامي قلت له :
- لما لا ؟ ارفع قضية فمن يدري ؟ فنحن في زمن و بلد العجائب
كان لا بد أن اعرف لماذا انتحر " قدور" ؟ ما هو السبب الخطير الذي جعله ينتحر؟ انه جبان نتن . لاينتحر الا الجبناء . علمت بعد ذلك بخبر قدور زوجته " النصرانية " كان اسمها جوزيان , أتت للمغرب لتصفية كل الأمور المادية في المغرب والعودة الى فرنسا. لم أكن أملك رقم هاتفها لذلك ذهبت اليها مباشرة . قرعت الجرس فتحت لي الباب . تغيرت كثيرا , سبق لي أن رأيتها مرتين . كانت أردافها ممتلئة . أما التي أرى أمامي فهي هيكل عظمي متحرك .
يبدوانها لم تتعرف علي قلت لها :
- أنا قريبة " قدور " .
تغيرت ملامحها , بدت متضايقة:
- ماذا تريدين ؟
أحسست بالحرج . ماذا أقول لها؟
- علمت أنك هنا واردت فقط أن ..
صمتت قليلا , لم أعرف ماذا أقول في الحقيقة . بدت متضايقة ثم قالت :
- تفضلي بالدخول .
دخلت . البيت أنيق جدا , مؤثت على الطريقة المغربية. كيف أبدأ حديثي معها ؟ علي اللعنة لماذا اتيت ؟ فلينتحر أو فليذهب الى الجحيم ما شأني به ؟
قطعت الصمت بجملتها ؟
- تودين معرفة لماذا انتحر " قدور " أليس كذلك ؟
- نعم اذا كان ذلك ممكنا.
- في نظرك لماذا انتحر؟
شعرت بالحرج:
- لا أدري . لو كانت لدي أدنى فكرة لما أتيت لأسألك.
أشعلت سيجارتها , تنهدت ثم نادت بأعلى صوتها:
- زهرة , تعالي حبيبتي .
واتت زهرة طفلة شقراء في حوالي الخامسة من عمرها . ربما اكبر قليلا , جميلة جدا لا يملك المرء الا أن يحبها. أجلستها والدتها على ركبتيها و قالت لها :
- احك للآنسة ماذا كان يفعل معك بابا ؟
بكل عفوية وبراءة اخذت تحكي :

- عندما كانت تذهب ماما للعمل يأخذني بابا , ينزع ملابسي كلها ويقبل جسمي وبعدها ينزع بنطلونه ويخرج شيئه ويضعه في مؤخرتي . كنت احس بالألم لكنه كان يقول لي لواخبرت أي أحد سأرميك في الغابة و تأكل الذئاب جسمك.
شعرت بالأرض تميد بي , عرق بارد يلف جسمي.

- اذهبي الان يا زهرة .سأكمل لك الحكاية : في يوما ما وجدت حرارتها مرتفعة اخذتها الى الطبيب , عندما فحصها وجد تعفنا في جهازها التناسلي وبكارتها مفتضة , شككت في كل الناس , في مدرسها في حارس الفيلا في الجيران الا في قدور قرر الطبيب ابلاغ الشرطة استمهلته حتى أعرف منها بنفسي وكانت الصاعقة قالت : أبي
هل يعقل هذا ؟ لا أستطيع أن اعبر بالكلمات , جربت كالمجنونة الى البيت لأكتشف أن زهرة لم تكن وحدها الضحية : فاطمة ويوسف أولادي الآخرين.هل تصدقين هذا؟ هذه أشياء كنت أقول تحدث للآخرين فقط. نسمع عنها في الأخبار و نقرأها على صفحات الجرائد. لكن ان تقع عندنا؟ لا. عندما علم أن خبر جريمته انكشف ، انتحركنت اود لواقتله بيدي , لديه أموال كثيرة كان من الممكن أن يذهب الى أية ساقطة ويفرغ مكبوتاته الحيوانية, لكن أن يفعل هذا بأولاده أية وحشية هذه ؟

صمتت قليلا لتلتقط أنفاسها واشعلت سيجارة أخرى و قالت :
أولادي الآن يعالجون في مصحة نفسية , سأكون جمعية تعنى بضحايا الاعتداء الجنسي , يجب ان نحمي أطفالنا من أمثال هؤلاء .

لم أعرف ماذا أقول لها ؟ أحسست برغبة عنيفة في البكاء عّل دموعي تخفف عني . وددت لواصرخ بأعلي صوتي فارتدت الصرخة في جوفي . ماتت الصرخة قبل أن تولد . أجهشت بالبكاء , نظرت الي جوزيان نظرات غريبة قلت لها :
- أجل أنا كذلك عانيت مثل زهرة وفاطمة ويوسف . قدور حطمني أفسد حياتي . لم يكن وحده البقال والرجل الأسود .

- ابك , هذا جيد لا تتركي هذه الأشياء تعكر عليك حياتك . عندما نبكي و نتكلم نرتاح . لكن لماذا لم تخبري أهلك والشرطة ؟
- لأننا نخاف الفضيحة . الناس لن ترحمني ستصبح سيرتي علكة تلوكها الأفواه الكريهة . ضربوني وقالوا : أصمتي . فصمتت . أنتم هناك لا تخافون شيئا . هنا نرضع الخوف والقمع من ثدي أمهاتنا.
- فهمت . لكن ما رأيك أن تتغلبي على خوفك و تأتي معي الى فرنسا ؟
- ماذا أفعل هناك ؟
- ساعديني على انشاء الجمعية . اجعلي من تجربتك درسا للآخرين , ساعديهم على تجاوز أزماتهم و عندما تنجح التجربة هناك نفتح فرعا هنا, تكونين المسؤولة عنه .
- ستنجحين هناك في بلدك , لكن هنا أشك . أؤكد لك ستجدين هنا في أغلب البيوت حكاية مثل هذه وافظع . أشياء لا تتصورها العقول , لكن لا أحد يتكلم . هذه مواضيع مسكوت عنها.

- الى متى ستظل أمور مثل هذه تحت الغطاء؟
- لأننا اذا عريناها ستطفو روائح كريهة على السطح . روائح فضائح تزكم الأنوف. حكايات اعتداءات داخل الادارات , في المستشفيات , في البيوت , في الشوارع , حتى في الحافلات . يقول المثل المغربي : نبش تجبد حنش . والحنش أفعى كلما قطعت رأسها نبت لها ألف رأس و رأس . عودي الى بلدك ، وافعلي ما بدا لك , لكن اتركينا هنا نأكل و نتغوط وننام كالدواب ونغرز رؤوسنا في الرمل كالنعام.
- أنتم جبناء . قالتها بعصبية.
- قولي ما بدا لك , أجل نحن جبناء .
- سأكرر ثانية : تعالي معي الى فرنسا.
- أنا لم أستطع السفر الى الرباط لدراسة الصحافة فكيف سيتركوني أسافر الى آخر الدنيا ؟
- فرنسا ليست آخر الدنيا.
- كل مكان خارج البيضاء بالنسبة لهم آخر الدنيا.
قطبت ما بين حاجبيها ثم قالت :
- هم؟ من؟
- هم؟ أهلي .. أبي .
- بنازير بوتو عندما كانت في مثل عمرك قلبت بلدا باكمله وأنت مازلت تقولين أبي .
- بنازي بوتو لم يكن لها أب مثل أبي .
- كل هذه الأعذار واهية. اذا كانت لديك ارادة قوية و عزيمة وكنت تؤمنين بقضيتك , ستقفين في وجه الشيطان.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
جراح الروح والجسد ج 10
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حراح الروح والجسد ج12
» جراح الروح والجسد ج11
» جراح الروح والجسد ج9
» جراح الروح والجسد ج8
» جراح الروح والجسد ج7

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
جمعية الاخوين لوميير للسينما :: أفضل الروايات :: جراح الروح والجسد -مليكة مستظرف-
انتقل الى: