جمعية الاخوين لوميير للسينما
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
جمعية الاخوين لوميير للسينما

Association Frères Lumière du Cinéma
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 جراح الروح والجسد ج7

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
م.ت.بحرية

م.ت.بحرية


المساهمات : 253
تاريخ التسجيل : 27/11/2007

جراح الروح والجسد ج7 Empty
مُساهمةموضوع: جراح الروح والجسد ج7   جراح الروح والجسد ج7 Emptyالخميس ديسمبر 27, 2007 12:22 pm

وتضع المفاتيح في يدها و تقرأ والدتي كل ما تحفظه من سور قرآنية بكثير من الأخطاء - كل ماتحفظه المعوذتين والفاتحة - وتهدأ خديجة رويدا رويدا. تأتيها أمينة بكأس ماء مذاب فيه قطعة سكر . يتعاون الجميع على حملها فوق السرير . نتركها لتنام . يبتلع شقيقي لسانه و ينصرف كما سبق لي وابتلعت لساني و صمتت .
فجأة ودون سابق انذار ماتت امي .هكذا فجأة . كان كل شيء هادئا في ذلك الصباح الخريفي في ذلك اليوم رحلت والدتي حاملة معها أحزانها و همومها وانزوت بعيدا بسنواتها الخمسين .
كانت تحس آلاما في قلبها , حملتها شقيقتي الى الطبيب و بعد ذلك بساعات سمعت صرخة : أمي ماتت , أمي ماتت .
قبل و فاتها بأسبوع , أمسكت يدي و هي مسجاة على ظهرها و قالت لي :
- سامحيني يا ابنتي .
أحسست بالمرارة في حلقي . ابتلعت ريقي و قلت لها
- على ماذا أسامحك ؟ أنا من يطلب عفوك ورضاك .
كانت تبكي . عاودت امساك يدي :
- سامحيني على كل ما فعلته لك في الطفولة , أنا أمية لا أفهم في أصول التربية . خديجة كانت تسيرني , كنت أصدق كل ما كانت تقول . فهمت متأخرة كل أكاذيبها لكن الأوان فات . والدك ألغى شخصيتي واختك ألغت علقلي . كنت كالآلة أفعل ما يأمراني به . ظلمتك يا طفلتي , ظلمتك .
أنتحب . أبكي بصوت مسموع . ليتك فعلت هذا قبل الآن بكثير لكنت جنبتني آلآما نفسية كثيرة . لم أكرهك أبدا.. أبدا أمي بل لم أفكر في عتابك , كنت أفهم كل شيء . فهمت كل شيء مبكرا . كنت أعلم أنه لا حول ولا قوة لك . كنت طفلة لا تعرفين من أمور الدنيا الا ما تحكيه خديجة من أحاديث ملفقة
أحبك أمي .
حملوها واستقبلوها القبلة , نزعوا عنها جلبابها و غطوا وجهها بازار أبيض . كنت ألمس يدها , أجس نبضها , حبل الوريد في عنقها لعله ينبض . كيف تموت ؟ بكيت بحرقة . نزفت الدماء من أنفي , أغمي علي , أخذوني الى المستشفى و عندما عدت كانوا قد أخذوها الى متواها الأخير .
ذهبت أمي دون وداع , دون أن تضميني اليك , أشتاق اليك , أتمنى لوادفن رأسي بين ثنايا عنقك واستنشق عطرك الرائع مازلت أراك أمامي تعجنين الخبز الأسمر و تطبخين الطعام , أراك في الغرفة الكبرى تسبحين و تصلين , حتى في أحلامي أراك .. أبثك أشواقي , نتعانق , أستفيق.. أراك وقد خنقتي الدموع , أندم لأني استفقت واخاف أن أنام ثانية .. فأراك في حلمي وانهض لأجد الفراغ .
أمي أما زلت تذكريني أم نسيت كل شيء ؟ أما زلت تذكرين عندما كنت أضع رأسي على ركبتيك و تعبثين بخصلات شعري وانت ساهمة في البعيد . تفكرين بالحج أوالعمرة . كم ذقت المر بسببنا ؟ كم ضربت و كم أهنت و كم و كم . كنت تصبرين و تقولين من أجل أولادي كل شيء يهون . هل كتب على أن أجتر السنوات أبكيك ؟ هل كتب علي أن أن أعيش ما تبقى من عمري البائس معذبة بفراقك ؟ أطلب لك الرحمة يا أمي .
عندما ماتت أمي , تنهد أبي كأنه تلخص من حمار أجرب . ربت على شعري , أحسست بأصابعه كمسامير مدببة الرأس , لم يمر الشهران حت أخذ أولاد الحلال يسدون له النصيحة :
- يجب أن تتزوج , اياك والعواجيز انهن يورثن الأمراض و يسرعن بك نحو القبر , تزوج شابة تدفىء عظامك و تناولك الدواء عندما تمرض .
لم يكن أبي في حاجة لنصيحة أحد . تزوج امرأة قروية شابة , كل شيء فيها يوحي بأنها امرأة من النوع الرخيص : عيناها اللتان لا تهدءان من الغمز واللمز, العلك الذي لا يفارق فمها. كرهتها حتى قبل أن أراها. مذ تزوجها و هو يسافر كثيرا : الى الحج أوالى الجنوب , تودعه بدموع نجسة كبول الخنازير وعندما ترجع الى البيت تتحدث طويلا في الهاتف تطلق ضحكات رقيعة , تتزين و تخرج ثانية.
كانت تتغيب طويلا . عندما تعود تكون مسهدة و في عينيها احمرار . كل شيء يوحي بأنها انتهت من معركة حامية الوطيس على سرير أحدهم . ما ذا سيفعل والدي اذا علم أن زوجته تخونه مع ألف رجل و رجل ؟ سيموت حتما . فليمت . ألم يخن والدتي حية و مية ؟
جاءت زوجة أبي صعقت عندما رأتني أدخن :
- هل جننت؟
أجبتها ببرودة :
- لماذا ؟ هل رأيتني قد نزعت الثياب عن مؤخرتي وارمي الناس بالحجارة ؟
- وتدخينك علانية , أليس جنونا ؟
- اذا كان تدخيني جنونا فماذا تسمين تصرفاتك هذه ؟
بدت للحظة كتمثال شمع ثم أردفت كأنها لاتسمعني :
- بنات العائلات لا يفعلن هذا .
- معك حق بنات العائلات المحترمة لا يفعلن هذا, لكني لا أعيش بين عائلة محترمة , أنا أعيش مع قوادة فقط . والا مامعنى أن تتزيني كل يوم و تعودي ليلا مسهدة ؟ هل تظنيني غبية ؟
ضربت المائدة بقبضة يدها وقالت :
- هل تظنيني ملاكا ؟ والدك يسافر طوال العام اما في سيدي حرازم لمعالجة الكلاوي أوارفود لعلاج الروماتيزم أو في الحج أوالعمرة لغسل ذنوبه ويتركني وحدي . ألست امرأة و لدي أحاسيس ؟
أجبتها بسخرية :
- رائع انك تحسين كباقي البشر .
لم تلتفت لسخريتي و قالت :
- هل تظنين والدك ملاكا ؟
- يكفي أنه تزوجك لينظم لزمرة الشياطين .
- انك صغيرة لا تفهمين . والدك كل ليلة مع امرأة , هذه شقراء والأخرى سمراء واخرى لا أدري كيف هي . يجري وراء " الشيخات " , يعيش و كأنه هارون رشيد عصره , يتركني وحيدة و ينتظر مني أن أظل وفية له .
كنت أعرف أنها محقة. دخلت غرفتي , أقفلت علي الباب. عاودت فتحه , وجدتها لاتزال مسمرة سألتها:
- ماالذي أجبرك على الزواج من أبي وهو جاوز الستين , مريض بالكلي والروماتيزم والسكر و..
- تزوجت والدك لأنه كان يجب أن أتزوج . أنا لم أختره . قلت لأهلي : لا أريده . قالوا : بلغت الثلاثين , أصبحت عانسا لا بد أن تتزوجيه . قلت لهم : أريد شخصا آخر , قالو : تزوجي و حبي من شئت . تزوجته قلت لأمي : زوجي دائم السفر, قالت : هذا لحسن حظك فماذا تفعلين برجل يظل بجانبك العمر كله يخنق أنفاسك .
نزلت دموعها . دموع صادقة . انهاضحية مظلومة هي الأخرى .
أخيرا حصلت على شهادة البكالوريا . لم يهتم أحد للأمر . عندما علم أبي بالخبر لوى شفتيه امتعاضا ثم قال :
- بكالوريا آداب ؟ الآداب ما يوكل حتى خبز حافي .
انه مصر اصرارا عجيبا على التنغيص علي والتنقيص من شأني . قلت بتأفف :
- لا آداب ولا علوم يوكلوا الخبز هاذ الزمن .
ارتشف شايه واغمض عينيه كأنه يفكر في أمر جلل ثم قال :
- يكفي من وجع الراس , افتحي محلا لبيع الأحدية .
أحسست برغبة في تحطيم أي شيء . لماذا لا يصمت ؟
- سأصبح صحفية . سأذهب لأخذ المعلومات من مدينة الرباط . لم أكمل عبارتي حتى صرخ كمن لدغته أفعى :
- ماذا ؟ الرباط ؟ هل جننت ؟ أنا ابنتي تدرس في مدينة أخرى ؟ ولوحدها ؟
- الرباط لا تبعد عن البيضاء الا بساعة زمنية واحدة . قاطعني بعنف :
- الوقت خايبة. أنا أدرى بما يحدث . اني أسافر وارى العجب .
- هناك بنات في مثل سني واصغر يسافرن للدراسة خارج أرض الوطن بموافقة أهاليهم .
- هؤلاء زنديقات واهاليهن زناديق . الفتاة يلزمها دائما رجلا لحراستها و حمايتها .
- حمايتها من ماذا ؟ هل تظنني في حاجة للسفر لآخر الدنيا للعيش على سجيتي ؟ يمكنني أن أمارس كل الأعمال الجهنمية بقربك وانت لاتدري .
اصفر وجهه , نظر الي نظرة غريبة ثم قال :
- ماذا تقصدين ؟
- لا أقصد شيئا . كل ما في الأمر أنني لا أريد أن أكون تحت وصاية أحد . متى ستظل المرأة على هذا الحال ؟ تولد تكون تحت وصاية أبيها وأخيها , تتزوج فتصبح تحت وصاية زوجها واهله و عند وفاته تصبح تحت وصاية الأبناء . متى تملك المرأة زما م نفسها و تكون حرة ؟
- اسمعي كلام الجرائد هذا لا يمزمني . قوليه هناك في المدرسة أو الجامعة . لكن في بيتي أنا من يقرر وانا من يحكم . لا سفر معناه لا سفر.
رمى الفوطة بعنف وخرج . تركني ونيران متأججة في داخلي . كيف أستطيع اقناعه ؟ كيف السبيل لتحطيم هذا الجليد بيني و بينه ؟ شيء فظيع أن يرى الانسان أحلامه التي عاش سنوات عمره لأجلها تتحطم فجأة بسبب معتقدات بال عليها الزمن وافكار متعفنة . لقد تحطمت أشياء كثيرة بداخلي , لا الا هذا الحلم .
خرجت من البيت أمشي عن غير قصد . التقيت رجلا بلا ملامح قال لي :
- تذهبين معي ؟ بيتي قريب جدا من هنا .
لم أفكر ركبت سيارة , ذهبت معه , وفي بيته نزع ملابسي لم أغضب لم أهتم كأن الأمر لا يعنيني . حتى جسدي أحسسته منفصلا عني و كل ما يحدث لا يعدو كونه فيلم من الأفلام الجنسية الرخيصة . فجأة تذكرت " قدور القدر " . نظرت حولي : ماذا أفعل هنا ؟ كنت مستلقية على ظهري و رجل ما يركبني . شعرت بالاشمئزاز , بالاختناق . أبعدته عني بكل قوة , تأوه , لبست ملابسي . سمعته يقول :
- كنا مزيانين ياك لباس ؟ آجي غادي نزيدك عشرين درهم .
ماذا سيفعل والدي اذا علم بالأمر؟ سيرغي و يزبد وزوجته تهدئه و ستقول له كخطيب يوم الجمعة :
- انها مراهقة و صغيرة و قد أخطأت .
و سأجيبها :
- حتى أنت يا زوجة أبي أخطأت . أنا ذهبت مع رجل واحد لكن أنت ذهبت مع عشرات الرجال و حتى أبي خانك مع كل النساء . فلماذا تحاسبوني ؟ على الأقل أنا لم أخن أحد .
سيصبح وجه زوجة أبي اصفر لأني فضحتها. لكن أبي لن يصفر وجهه لأن خيانة الرجل ليست كخيانة المرأة . فعندما يخون الرجل زوجته يجدون له ألف عذر و يقولون انه رجل و يمارس رجولته و يشيرون بأصابع الاتهام لزوجته لأنها لم تحسن الحفاظ عليه . ونفس الرجال الذين نصحوه بالزواج منها سيقولون له طلقها أو علقها من ثدييها في ميدان عام وارجمها بالحجارة . و سيرجمها الناس بالحجارة كأنها المذنبة الوحيدة في هذا العالم . وستموت وازغرد أنا فرحا .
دخلت البيت , قالت زوجة أبي و هي تشمني :
- في جسدك رائحة الخمر والرجال .
وبسخرية قلت :
- رائع. بت تعرفين رائحة كل الرجال . أتعرفين ؟ كان الأجدر بك أن تعملي في سلك الشرطة , ليس شرطية طبعا بل كلبة لأنك تحسنين الشم .
- ماذا لو علم والدك ؟
- اخبريه . لكن لا تنسي أن تخبريه عما تفعليه في غيابه .
صفقت الباب ورائي و دخلت غرفتي .
لماذا فعلت هذا ؟ هل كنت أريد أن أبرهن لأبي أنني لست في حاجة أن أسافر الى آخر الدنيا لكي أفعل ما أريد ؟ !!
أصبحت لي صديقة واحدة أحبها جدا . نخرج سويا , نتسكع , نمارس جنوننا بحرية . كيف التقيتها ؟ هي لا تدرس معي .التقيتها صدفة في الحافلة. كانت تبحث عن حافظة نقودها لتدفع ثمن التذكرة . بدت حائرة و خجلة. أدركت أنها لا تحمل نقودا ربما نستها . فتحت حقيبتي أشفقت عليها , أنقدت الموقف . شكرتني واصرت أن أرافقها الى البيت . كانت شقراء جميلة , قصيرة القامة و ترتدي حذاء بكعب عال جدا . كانت في مثل عمري . تسكن لوحدها في شقة صغيرة بعد أن ماتت والدتها .
والدها لم تره أبدا . وشقيقها " حرك للطليان ". الشقة مكونة من غرفة كبيرة بها سرير واحد و كرسي و مطبخ أ ما المرحاض فهو مشترك مع الجيران . ظننتها طالبة لكن فوجئت عندما قالت بكل بساطة :
- أنا خدامة في بار كانت والدتي تعمل به , عندما ماتت أخذت مكانها .
استأذنت بضع دقائق عادت تحمل طفلة في حوالي الرابعة من عمرها لا تشبهها أبدا . قالت لي ك
- ابنتي دعاء .
قبلتها
- لاتشبهك هل تشبه والدها ؟
- لا أدري , ربما .
صعقت , كيف لا تدري ؟ لاحظت دهشتي , ضحكت ضحكة بلا معنى وقالت :
- أنا لا أعرف والدي و هي كذلك لا تعرف والدها . انها ابنة " الحرام " .
كانت تتكلم بعفوية وصراحة شديدتين , لا تخجل من شيء . تقول كل ما تريد ومتى تريد لا يهمها أحد . حسدتها على شجاعتها . نظرت الى الطفلة قلت لوالدتها :
- تبدو نحيفة جدا هل هي مريضة ؟
- لا أدري , ربما العجوز التي أتركها عندها لا تطعمها جيدا مع أنني أدفع لها كل ما تطلبه , لكن يبدو انها تسرقني . لا يوجد ضمير . أتعرفين ؟ لقد كنت أتركها من قبل عند جارة أخرى تسكن في الشقة المواجهة لكن اكتشفت أنها تعطيها الخمر في " الرضاعة " حتى تكف عن الصراخ , لم أنتبه في البداية بل لم أنتبه لأي شيء أبدا فأنا أكون متعبة دائما , " أولاد الحلال " هم من أخبروني .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
جراح الروح والجسد ج7
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حراح الروح والجسد ج12
» جراح الروح والجسد ج11
» جراح الروح والجسد ج 10
» جراح الروح والجسد ج9
» جراح الروح والجسد ج8

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
جمعية الاخوين لوميير للسينما :: أفضل الروايات :: جراح الروح والجسد -مليكة مستظرف-
انتقل الى: