جمعية الاخوين لوميير للسينما
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
جمعية الاخوين لوميير للسينما

Association Frères Lumière du Cinéma
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 جراح الروح والجسد ج3

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
م.ت.بحرية

م.ت.بحرية


المساهمات : 253
تاريخ التسجيل : 27/11/2007

جراح الروح والجسد ج3 Empty
مُساهمةموضوع: جراح الروح والجسد ج3   جراح الروح والجسد ج3 Emptyالخميس ديسمبر 27, 2007 12:27 pm

كنت أصمت واذعن لمصيري . أحمل دميتي , أنزع ملا بسها , أشد شعرها, أصرخ في وجهها : " لم تحافظي على نفسك , اياك أن تخبري أحدا بالأمر . "
و ذات مرة ضبطتنا شقيقتي خديجة بالجرم المشهود . سحبتني من ضفيرتي الطويلة كالدواب أخذت تبحث عن شيء موجود بين فخذي . كلهم يريدون ذلك الشيء الموجود بين الفخذين .
تبحث , تبحث . بعدها تأخذ عصى و تضربني على مؤخرتي بعنف , بجنون ..بجنون.. جنون . أتأوه , أصرخ تأتي والدتي تضرب فخذيها بكفيها , تأمرني بالاغتسال , اسمعها تتهامس مع خديجة , لا أميز سوى بعض الجمل المقطعة :
- قحبة من دابا ؟ منين خرجت ليا ؟
أخضع للذل للاستنطاق :
- منذ متى يحدث هذا ؟
--...............
- هل هذه أول مرة ؟
- ……..
تتوالى الصفعات على جسم لا يتعدى السادسة . أتلوى من الألم :
- لماذا لم تخبرينا ؟
(الخوف .الخوف يعقد اللسان . عندما أخبرتك أمي كويت فخذي . لماذا لم تضميني اليك كما فعلت المرأة الفرنسية ؟ لماذا ؟)
تشدني خديجة من شعري و تقول :
- سأسجنك في المرحاض بلا ضوء .
أتوسل اليها . أقبل يدها. تسحبني بقوة . تأخذني الى مرحاض لم نكن نستعمله كثيرا . كان مظلما , مخيفا . أبكي , أشعر بالرعب .

كنت ساعتها طفلة عوقبت على جريمة لم أرتكبها . أما " قدورالقذر" فلم تجرؤ والدتي حتى على سبه أواخبار أبي بالأمر . كأنني التي أغويته . كيف لطفلة مثلي أن تغوي شابا مثله ؟ كيف يفكر هؤلاء ؟ أليست لديهم مادة رمادية متواجدة في منطقة ما من تلك الجماجم المتعفنة يفكرون بها؟

لم يكن بمقدوري سوى الهروب الى عالمي الخاص : الى الحلم . أتخيلني وقد كبرت فجأة . عندما كان الكبار يسألون الصغار عما يريدون أن يكونوا في المستقبل , كان الجواب دائما واحدا من اثنين : اما أطباء أو معلمون.
لكن لم أكن أعرف بما أجيب , لأنني لا أعرف بالضبط ماذا أريد . كلما أعرف هواني كنت أعشق السفر. أتخيلني و قد سافرت بعيدا بعيدا جدا . أحلم أن لي طفلة أضمها الي , أمنحها الحب والحب و فساتين كثيرة و لعبا . أبدا لن تكون أقل من الاخريات , لن أنهرها , لن أكوي فخذها بل سأخفيها عن العيون القذرة.لكن أبدا لا أحلم بزوج . لم أكن أستطيع أن أتخيلني عروسا بفستان أبيض . حاولت مرارا تخيل شكل العريس فيتراءى لي وجه " قدور القذر" , أستفيق من .. من حلمي مرعوبة على واقع أشد رعبا .

تمر الايام ومن حين لآخر كانت تأخذني والدتي لتلك المرأة , بسبب و بدونه لتتأكد من أن ذلك الشيء مازال في مكانه .. وأن الطبق لم يكسر بعد . يتكرر سجني في المرحاض , أحببت السجن , كان يمنحني فرصة للانفراد بنفسي والسفر بعيدا بعيدا في عالمي الرائع الذي صنعته من مخيلتي .

كنت أغضب من والدتي , لماذا تترك غريبة تفعل بي ذلك ؟ ألم تكن تنهاني عن لمس ذلك المكان؟ أتساءل لماذا تغضب والدتي و تزجرني اذا ما ضبطتني ألمس ذلك المكان أواحكه ؟ ذلك المكان ؟ أو ليس له اسم ؟ أو ليس شيئا يخصني ؟ لماذا لم نكن نستطيع ان نتكلم عنه بحرية كأي عضو من أعضاء الجسم ؟ كالأنف , اليد , الرأس ؟ ثم لماذا لا تغضب والدتي اذا ما رأت شقيقي يلمس قضيبه ؟ عندما كنا نذهب الى الحمام للاستحمام كانت والدتي تصر أن أغطي ذلك الشيء بلباس داخلي , في حين أنني كنت أرى نساء واطفالا غيري لا يخفين ذلك الشيء الممنوع والمليء شعرا بشكل مقزز . وعندما كانت تضبطني والدتي أنظر اليهن , تزجرني بقولها " الله يعطيك العمى " .

كبرت فجأة . لم أعد كالأطفال , لأني أعرف أكثر منهم , ولانه حدثت لي أشياء لا تحدث للأطفال عادة . كنت أحس أني ملوثة . قلبي وحياتي أصبح بهما بقع سوداء كثيرة . ورغم أن السنين مرت فأنا أدين كل الذين أهانوا آدميتي و صادروا طفولتي .
أصبحت ممنوعة من اللعب خارج البيت. من البيت الى المدرسة و . وفي وقت الفراغ ألعب بدميتي وحدي .
في بعض الأحيان تأخذني والدتي الى " المدينة القديمة " نزور جدتي العجوز أو نتمشى في " الملاح " . لم أكن أحب زيارة جدتي ولا الذهاب إلى الملاح حيث الزحام . لا أرى شيئا من الآشياء المعروضة . زحام , صراخ الباعة , ووجهي ملتصق بظهور ومؤخرات الناس . والدتي كانت تسحبني كالدابة .
حاولت كثيرا التمرد , لكنها تصر أن أرافقها حتى لا أبقى وحدي في البيت و يأتي " قدور القذر" و …
وصلت سن الثانية عشرة . أصبح لي نهدان بحجم حبة الحمص تؤلمانني , و شعيرات ظهرت تحت الابطين وفي منطقة العانة . في يوم دخلت المرحاض لأتبول , وجدت نقطة دم في لباسي الداخلي .شعرت بالأرض تميد بي . بكيت في صمت. لم أفهم ماذا يحدث ؟ هل هذا يحدث لكل النساء أم لي وحدي ؟ هل أخبر والدتي ؟ و صرخ كل عضو في جسمي " لا " . هذا الدم نزل من تلك المنطقة الممنوعة . ستقول والدتي ثانية أنني لم أحافظ عليه . والدتي لن تضربني اذا نزف الدم من أصبعي , لكنها حتما ستعلقني من مؤخرتي اذا ما علمت أن الدم نزل من بين الفخذين . ان الله بالتأكيد يعاقبني على شيء فعلته , وأخذت أحاول أن أسترجع في ذاكرتي كل ما فعلته خلال ذلك الأسبوع أو الشهر . لا شيء . فحتى " قدور القدر" لم يلمسني هذا الشهر . ان الله يكرهني . هكذا فكرت . وبكيت وحدي . والتزمت الصمت . غسلت لباسي الداخلي . لم يخبرني أحد من قبل أن من علامات البلوغ عند الفتاة , نزول دم الحيض . كل شيء حشومة , عيب , هراء , هراء , تخلف .
في يوم مابعد الظهيرة , لم أكن أدرس . كنت أفكر فيما يمكنني فعله. أنجزت تماريني , حفظت دروسي التي كنت أنساها فور حضور أخي الأكبر. ليست لي صديقات. وحتى ان كان لي , فوالدتي ستمنعني من زيارتهن . مللل , ملل . جاءت شقيقتي الكبرى و قالت جملة واحدة:
- هيامعي. وسحبتني من يدي .
وفي الطريق قالت لي :
- سأشتري لك " الزريعة " و " كاوكاو" .
فرحت.
- وسأشتري لك " حلوة لاكريم "
فرحت أكثر . لكن لماذا كل هذا ؟
- و .. أنت لم تعودي صغيرة , كبرت الآن .
انني أكبر متى يريدون واصغر حسب أهوائهم وأمزجتهم . ما عليناش . انها تنوي قول شيء و تمهد له .
استجمعت قواها وقالت:
سنذهب للسينما .
فغرت فمي دهشة . اتسعت عيناي . تسمرت مكاني :
- سي..نما
- ايه , هناك فيلم هندي بالألوان . أنت لم تري الأفلام الهندية الملونة , جملية وشيقة , سترين , سيعجبك الأمر .
- وابي ؟
- ماذا به أبي ؟ لن يرانا أحد .
ورفعت سبابتها في وجهي , ( أكره من يرفع سبابته في وجهي)
- اياك أن تخبري أحدا بالأمر .
السينما كانت من المحرمات . كانت أمي تقول : بنات الشوارع والساقطات هن من يذهبن للسينما . و لم نكن نجرؤ أن نمر أمامها .

دخلنا . كنت اشعر بالخوف . الظلام , أرتطم بالكراسي .جلست , لم أكن مرتاحة في جلستي . ضحكت أختي , اذ كنت أجلس على الكرسي مغلقا. فتحته أختي و شعرت بالارتياح . رأيت الفيلم , كنت مندهشة . بكيت و كنت أسمع اسمع البكاء والنحيب في كل القاعة . واكلت " الزريعة " و كاوكاو". و من حين لآخر كنت أسمع " طق مق ". التفت , كان هناك جسمان ملتصقان غارقان في بحر القبل و ..الآن عرفت لماذا كانت والدتي تقول أن السينما لا يرتادها الا الساقطات. انتهى الفيلم. رأيت فتيات يصلحن ما فسد من هندامهن بفعل أشياء غير لائقة. و في طريق العودة قالت أختي :
- أين كنا ؟
- في السينما . أجبت بعفوية .
جن جنونها .
- لقد كنا في الملاح . أين كنا ؟
- في الملاح , في الملاح .

من جملة الأشياء التي مازالت محفورة في ذاكرتي: منظر والدي و هو يضرب والدتي . كان يضربها بسبب ومن دونه. يضربها بعنف و كنا نختبئ – نحن الأبناء- في احدى الغرف . نبكي . لم نكن نجرؤ حتى على التوسل. كانت أمي تبكي و تستغيث ولا من مغيث . كنا عاجزين . نخاف أبي وجبروته و نحب أمي ولانستطيع لها شيئا .

يظل أبي يقاطعنا شهرا واكثر. يأتي من العمل يقفل عليه غرفته. لا يأكل من أكلنا أي شيء . يصبح الجو مكهربا و كئيبا . لا أحد ينطق ببنت شفة. نتكلم بالاشارات فقط . وجهاز التلفاز بلا صوت , نرى الصور فقط . اختناق .
كانت خديجة تقول لوالدتي :
- لابد انه سحر . هذا مؤكد .
- الله ياخذ فيهم الحق . لكن لماذا يسحرون لي ؟
- يحسدونك على أبي .
- فليأخذوه . لا أريده . سامحت ليهم في حقي فيه .
- يجب أن نفك السحر. غدا سأذهب عند شواف يهودي في المدينة القديمة لمعرفة من له المصلحة في ذلك .
تتردد والدتي تبدو عليها الحيرة, تقول أمينة :
- يجب أن نعرف من له المصلحة في شتات شملنا.
تستجمع والدتي قواها:
- اذهبي لكن خذي معك أختك.
و في الغد أذهب مع أختي . لكن ليس الى الفقيه. نشتري " الزريعة " و " كاوكاو " و نذهب الى السينما " فيردان " , نرى فيلما هنديا آخر . و بعد انتها ء الفيلم تقول أختي .
- اين كنا ؟
- عند الشواف .
- عظيم حفظت الدرس . والشواف أعطانا هذا .
تخرج من بين نهديها ورقة مطوية على شكل " حجاب " .
- من أين أتيت به ؟ أسألها .
- صنعته وحدي .
و في البيت تختلق خديجة حكاية عجيبة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
جراح الروح والجسد ج3
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حراح الروح والجسد ج12
» جراح الروح والجسد ج11
» جراح الروح والجسد ج 10
» جراح الروح والجسد ج9
» جراح الروح والجسد ج8

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
جمعية الاخوين لوميير للسينما :: أفضل الروايات :: جراح الروح والجسد -مليكة مستظرف-
انتقل الى: