جمعية الاخوين لوميير للسينما
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
جمعية الاخوين لوميير للسينما

Association Frères Lumière du Cinéma
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 جراح الروح والجسد ج2

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
م.ت.بحرية

م.ت.بحرية


المساهمات : 253
تاريخ التسجيل : 27/11/2007

جراح الروح والجسد ج2 Empty
مُساهمةموضوع: جراح الروح والجسد ج2   جراح الروح والجسد ج2 Emptyالخميس ديسمبر 27, 2007 12:28 pm

كان والدي ينام بمفرده على سرير وانا ووالدتي علىالسرير الآخر . أنام على ذراعها . أخفي رأسي بين ثنايا عنقها ، تهدهدني ، تحكي لي حكاية هينة التي خطفها الغول . فأنام ولا أصحو حتى الصباح . في بعض الأحيان كنت أستيقظ ليلا ، أتحسس السرير لا أجدها ، أناديها . تجيبني من مكان ما من الغرفة . لم أكن أعرف أين تختفي لكن أشعر بالأمان .
في تلك الليلة انتظرت أن تناديني كالمعتاد حتى أنام بجانبها . لكنها لم تفعل . انتظرت ، انتظرت ، وبعدها أقفلت الباب دوني .
وأنا ؟
أحسست بالحرقة في قلبي أشد ايلاما من الحرق في فخذي . كنت أنتحب كطفل يشكو حرقة الفطام . وضعت لي خديجة فراشا في الأرض و قالت بتأفف : نعسي ما تفيقي .
أجابتها أمينة : الله ينجيها .
شعرت أنني منبوذة ، مكروهة ، مدنسة . كنت أتساْل ما كل هذه الحكاية ؟ كل شيء تم في رمشة عين : الرجل الأسود ، هل يكون فعلا صديق أبي ؟ لماذا اختارني لكي ينفث في سمومه دون الآخرين ؟ لماذا ضمتني المرأة الفرنسية ؟ و لماذا ضربتني أمي وكوت فخذي ؟ هل أنا ظالمة أم مظلومة ؟ لأول مرة أنظر الى سقف الغرفة وابحث عن هذا الله بعينين دامعتين ، أسأله أن يكون كل هذا كابوسا فقط . بت ليلي كله أنتظر معجزة ترفع عني الظلم . ربما يرسل الله ملاكا أو شيطانا لا يهم . يشرح لوالدتي ما حدث و يجعلها تعطف علي ولا تنبذني أبدا .

أحسست بيد تتحسس شعري في الظلام . أجفلت ، فرحت ، قلت : أمي.
ـ أنا أمينة . لا تخافي .
ضمتني اليها. دفنت رأسي في عنقها. حاولت أن أنام . لكن الألم في مؤخرتي و فخذي . حمى تسكن جسدي . عرقي غزير، الرجل الأسود ، تلك الرائحة الكريهة المنبعثة من قضيبه المتدلي كقنفذ كريه ، المرأة الفرنسية ، حضنها قبلاتها ، و سيخ أمي الحديدي . و تلك الجملة : لا تخبري غريبا ولا قريبا بالأمر.
في الصباح أيقظتني خديجة بركلة من قدمها :
ـ فيقي يا قحبة .. نايمة في العسل .

أقفز . أنظر حولي جيدا . لم يكن كابوسا. حرقي ينز صديدا و ماء. لا أستطيع الوقوف على قدمي ، أسمع والدتي تقول لأمينة : لا أريد أن أرى وجهها ، الأكل فيها خسارة ، اعطيها الخبز حافي .
أتت أمينة ، أعطتني قطعة خبز و كأس شاي.
ـ اشربي القهوة سريعا ، لقد أتيت بها خلسة .
نظرت الى الحرق ، مسحت دمعة نزلت على خدها ضمتني اليها :
ـ ليس لدينا أي دوا بالبيت ، سأذهب عند المسيو جورج وأطلب منه مطهرا ، لكن لا .. كلابه شرسة .سأضع لك معجون أسنان . و تأتيني بمعجون الأسنان . يعاودني الألم أعض على شفتي حتى لا أصرخ.

مرت أيام تجر وراءها الأيام والشهور . ونسيت أو تناسيت الموضوع برمته لأنني بطبعي أكره تذكر كل الأشياء المحزنة .
حتى والدتي يبدوانها نسيت الموضوع . لكن حدث ثانية ما نكأ جراحي .

في حينا كان بقال طيب يغدق علي دون الجميع بالحلوى والشوكولاطة. وفي بعض الأحيان لم يكن يأخذ مني ثمن البضاعة التي أشتريها منه. وعندما أخبرت والدتي بالأمر لم تزد عن قولها أنه رجل طيب . ووالدتي لا تخطئ في حكمها على الناس اذا فهو رجل طيب . كان سمينا جدا و قصيرا ، يبدو كدولاب متحرك . يرتدي دائما وزرة زرقاء متسخة ، تحتها سروال قندريصي لا لون له ، ربما كان أبيض أو رماديا في يوم ما ، ينتعل بلغى صفراء مهترئة. وكان و جهه مفلطحا يتوسطه أنف ضخم أحمر دائما كأنه نبتة غريبة نبتت في غير موضعها. وسبابته أبدا لا تفارق أنفه .

في ذلك اليوم ذهبت لاشتري مسحوق الغسيل , طلب مني البائع " الطيب " ان أذخل الى الداخل لان مساعده غير موجود ورجله تؤلمه . ففعلت عن طيب خاطر . ربت على شعري و قال انني فتاة جميلة وقبلني على خدي واجلسني على ركبتيه وقال :
- اختاري ما تريدين و كل ما تشتهين من أنواع الحلوى .. ما تحشميش .
و بعدها أحسست شيئا محشوا بين فخذي وانفاسا متهدجة قرب أذني و ... رميت بكل الحلوى التي ملأت بها جيوبي . كانت يده ككماشة تطبق علي تشل حركتي . انظر الى الحرق في فخذي , أرتعش و....

أردت أن أخبر والدتي بالأمر , لكن تذكر الرجل اللأسود , الحرق في فخذي وجملة والدتي " لا تخبري غريبا بالأمر , لم تحافظي على نفسك " . ولم أخبر غريبا ولا قريبا بالأمر, دخلت البيت مطأطأة الرأس , اغتسلت في الحمام كما علمتني المرأة الفرنسية .

جلست في ركن قصي من البيت , كان في عيني انكسار و حزن . أعيد الشريط أمام عيني و سؤال لا يفارقني : لماذا يفعلون بي هذا ؟
في الغد أرادت والدتي ارسالي لبقال الحي , رفضت . قلت لها :
- كبرت الان . لن اذهب الى البقال و لن ألعب مع أصدقائي الذكور في الحي . ضحكت والدتي وقالت - لا تتعجلي بالدخول الى عالم الكبار .
تمتمت وحدي :
- لوالأمر يعود لي فأنا لا أريد الدخول الى عالمكم أبدا .
من يومها لم أعد تلك الفتاة المشاغبة العنيدة . رأسي دائما مطأطئة و في عيني انكسار و حزن و ذل و... وخوف كبير وكره أكبر.
والدتي كانت تبدو سعيدة لأنني لم أعد ألعب مع أبناء حيي من الذكور ولا أبرح البيت الا الى المدرسة.
لكن حتى البيت لم يعد آمنا . كان يسكن معنا قريب أبي القروي اسمه " قدور " . كان في حوالي العشرين من عمره ربما اكثر يقليل . اتخذه أبي سندا له في أعماله. و كان " قدور " هذا الامر الناهي . يحضر الى البيت فيصبح حديثنا نحن البنات همسا ومشينا على أطراف الأصابع . و كان ابي يبدو سعيدا بتجبر قريبه و تسلطه .
كان " قدور" طويلا جدا و ضخما . يحلق شعره على " الزيرو" لديه عينان متقاربتان و ضيقتان كعيني صقر . لا يتحدث كثيرا , بل لا يتحدث ابدا .عندما يعود من العمل يدخل غرفة بناها له أبي في حديقة البيت نأتيه بالطعام , يأكل في صمت , يستمع للراديو وينام .

و ليلا نادانا " قدور" لكي آتيه بكوب ماء . كنا نتفرج على فيلم مصري والصمت يسود المكان , و كل حواسنا مشدودة للفيلم .سمعت نداءه ذهبت اليه بكوب من الماء . أخذ يريني صوره واشياء أخرى لم أعد أتذكرها و كان يكلمني برفق و ليونة . كل هذا بدا غريبا في نظري , لأنه لم يكن يكلمني الا صافعا أو ناهرا أو شاتما . أحسست يدا مرتعشة تتحسس صدري و نهدي " أي نهد لطفلة لم تتجاوز السادسة من عمرها ؟ " رفع فستاني و بطحني أرضا . لم أعترض . كنت أعرف أنه لا جدوى من المقاومة أوالصراخ .استسلمت وانا ألعن كل شيء في سري . الشريط يمر أمام عيني : نفس الحكاية تتكرر . الرجل الأسود , بقال الحي , " و قدور القذر". و من بعد ذلك ؟ انتهى رفع يمناه و صفعني مهددا بسوء المصير ان أخبرت أحدا بالأمر .

تكررت اعتداءاته كنت أخضع في صمت و ذل و مهانة . لم أفكر أبدا في أن أحكي لأي أحد . سيخ امي يتراقص أمام عيني و سبابتها تتوعد بسوء العاقبة ان أخبرت أحدا بالأمر . طبعا لن أخبر أبي . وامينةالطيبة لا أراها الا في العطل . تدرس بالمدينة القديمة و تظل طوال الاسبوع عند جدتي هي و باقي شقيقاتي حيث توجد مدارسهن بالقرب من منزل جدتي . كنا نسكن هناك في الماضي , وعندما تغير سكننا الى المعاريف لم يكلف أبي نفسه عناء تغيير مدارسهن بل تركهن عند جدتي . خديجة الكبرى لا تدرس و عبد الله وحده يدرس في مدرسة تحاذي البيت .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
جراح الروح والجسد ج2
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حراح الروح والجسد ج12
» جراح الروح والجسد ج11
» جراح الروح والجسد ج 10
» جراح الروح والجسد ج9
» جراح الروح والجسد ج8

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
جمعية الاخوين لوميير للسينما :: أفضل الروايات :: جراح الروح والجسد -مليكة مستظرف-
انتقل الى: