جمعية الاخوين لوميير للسينما
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
جمعية الاخوين لوميير للسينما

Association Frères Lumière du Cinéma
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 امرأة من سلالة الشيطان ج3

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 608
تاريخ التسجيل : 23/11/2007

امرأة من سلالة الشيطان ج3 Empty
مُساهمةموضوع: امرأة من سلالة الشيطان ج3   امرأة من سلالة الشيطان ج3 Emptyالأحد مارس 16, 2008 7:38 am

جرت خلفي، أطبقت على ياقتي، حاولت إسقاطي، دافعتُ عن نفسي، فما فطنتُ إلا وهي ممدة في الأرض تحتي، أزاحتني بقوة، وها هي تعتليني وتغرق وجهي بالقبلات، وتطلق نار لذتها من عقالها، على مرأى ومسمع من النسوة الثلاث وهن يتضاحكن بأعلى أصواتهن، تسارعن لتخليص جسدينا المشتبكين، في أثناء ذلك أحسست بأياد تقتسم معها قطاف اللذة من جسدي، سرقة، أكثر من ذلك امتدت إحدى الأيدي بإلحاح إلى شأني وعبثت به في منتهى السرية... في ما بعد، ستقول لي كان ذلك المشهد اجتهادا منها في تطبيق درس «الخصومة الغرامية»...
على هذا الإيقاع توالت الساعات سريعة وإنجاز الأشغال أسرع، خلال ذلك تبدلت نبرة صوتها وقهقهاتها كثيرا، صار يُخيَّلُ لي أنني أمام ابنة عشرين عاما أو أقل. عندما سأتلقى أول مكاملة هاتفية منها، سيتبدد هذا الخيال لأدرك أنني وقعتُ في شركها إلى الأبد.
لما أشارت عقربا الساعة إلى الرابعة مساء لم يبق ما يقتضي تنظيفا ولا ترتيبا.
انصرفت النساء، تركن الثلاجة مملوءة عن آخرها بالأطباق المعدة التي لن تنتظر إلا التسخين لبضع لحظات فتكون جاهزة للأكل.
نادتني من غرفة النوم، وجدتني أمام عَرُوس بمعنى الكلمة، عروس تقليدية صرفت نسوة أوقاتا طوالا في تزيينها وتعطيرها لضعنها طبقا شهيا لذيذا بين يدي عريسها ليلة أول اختلاء لهما ببعضيهما.
عندما اعتلت أصوات آذان الفجر كان كلانا قد نشر في جسد الآخر أعلام النصر مرفرفة خفافة. كانت المنازلة طويلة خلافا لكل توقعاتنا في البداية، واستلزمت من الخطط والأسلحة والحيل ما لم يخطر على بالنا من قبل. في مطلع الفجر فقط، أي بعد إثني عشر ساعة، وهو ما يعادل ما تطلبه من جيوش هتلر غزوُ دولة مجاورة، رفَِع كلانا علم السلم الأبيض، وتبادلنا طقوس البيعة والاستلام، وتقديم فروض الطاعة والولاء. قلتُ لها: آمنتُ، وقالت لي: آمنتُ. وستبقى ذكراها عالقة بذهني طالما عشتُ؛ ذكرى منازلة امرأة انتهت بنصر مزدوج؛ لها ولي، وهزيمة مزدوجة؛ لي ولها، أو انتهت بإعادتنا إلى حيث بدأنا، إلى ما قبل الحرب، حيث لا منتصر ولا منهزم بعدُ، ولكن بجسدين يرشحان عرقا وبنشوة اللذة الذاهلة تسري في مُخَ عظامنا سريانا كأننا صرفنا 10 أيام بلياليها مشتبكي الجسدين في سرير مِخمَليّ ناعم.
كان صراخها هو مكافأتها إياي عن قطف زهرتها الأولى؛ أطلقت صرخات قوية متعاقبة كافية لجمع سكان العمارة في منزلي لولا أني بادرتُ فأغلقتُ النوافذ والأبواب واستعملتُ لصقات خاصة لسد شقوق منافذ الصوت، وأطلقتُ موسيقى صاخبة لن يتردد سمّاعها من الخارج في تخيل أن بالمنزل إما حفل راقص أو جوقة موسيقية تخلد حفل زفاف. لو مرَّ مدير المدرسة الآن بالقرب من بيتي أو افتعل زيارتي للاطمئنان على صحتي أو اهتدى أحد أقاربها بالصدفة للمنزل، لانقلب الحفل إلى مأتم... أما لو قدِّرَ لأي كان أن يرى بقع الدم التي كست السرير عقب القطاف الأول المشفوع بالأنين والصراخ لما تردَّد في اعتباري مُجرما، والحق أنها كانت بشؤون البكارة أدرى وأعلم...
ثم توالت مقامات ومدارج للعروس ما قرأتها في كتاب ولا شاهدتها في شريط، هي من الكثرة والتنوع بحيث يستحيل على عقلي الصغير تذكرها جميعا، يحضرني منها فقط خمسة: مقام «زدني علما»، مقام «كن ولا تكن»، مقام «ماما !»، «مقام «رقصة الموتى»؛ ثم مقام «على بابا والأربعين حرامي».
ولولا الرأفة ببعض القراء، من جهة، والعهد الذي قطعته على نفسي أمامها بألا أفشي تفاصيل جسدها وأسراره أبدا إذا ما ارتأيت في يوم من الأيام تدوين حكاية مغامرتنا في كتاب (وهو ما أفعله الآن وأنا أعلم علما تاما أنها تقرأ هذا السِّفر)، من جهة ثانية، وخشيتي أن ينجح قراء فضوليون في التعرف عليها واتخاذها كعبة لطوافات أخرى، من جهة ثالثة، لسقتُ أدق تفاصيل جسدها وحركاته وسكناته في كل مقام من المقامات الخمسة، ولتحوَّل هذا النص إلى معزوفة مهيجة للحواس يستحيل أن تقرأها أنثى فلا تضطرم النار في أحشائها إلى تدعو للتو أقرب ذكر إليها ليغزو قارتها العذراء كما يستحيل أن يقرأها رجل دون أن تتحرك في دواخله أمواج الجماع فيمد يده لأقرب ابنة حواء إليه. على أني ارتأيتُ إجمال الكلام عن هذه المقامات تعميما للفائدة:

مدارُ مقام «زدني علما» اكتشاف الرجل والمرأة، في السرير، لوجوه فيهما لم تبدُ لكليهما من قبل قط، وذلك بأن يديم كلاهما النظر في وجه الآخر أو في أجزاء بعينها من جسده إلى أن تتغير صورة المنظور فيه كليا عما قبل. والحق أن هذا المقام دوَّخني تدويخا لما اكتشفته من جمال في صديقتي، رقا بها إلى مصاف نساء الخيال والحلم، ومن ثمة راجعت تماما أحكامي السابقة عن الرجال الذين يتزوجون ذميمات النساء، إذ فطنتُ إلى أن ما من امرأة ذميمة إلا وفيها سحرُ جسد عِلمُه عند زوجها وفراش النوم لا غير.
أما مقام «كن ولا تكن»، فمداره استعادة الأنثى مغامراتها الجنسية أيام كانت بكرا، ويتم فيه كل شيء كما لو كانت الأنثى تخاطب الرجل قائلة: «شم عبير زهرتي، لكن حذار أن تقطفها»، فتتظاهر بالحذر الشديد، وتظهر حرصا شديدا على عدم تمكين الرجل من الإمساك بالزهرة، كي لا يقطفها، ولأجل ذلك، فهي تحيط غصن الزهرة بأشواك كثيرة تنجح أعتى النساء في جعلها من الحدة بحيث تدمي الرجل فعلا إذا أصر على القطاف، كما حصل لي بعيدَ انصراف العجوزات الثلاث واختلائي بالعروس.
أما مقام «ماما»، فيشبه كثيرا سابقه، لكنه يتميز بالعنف والخشونة والإكراه، حيث تلعب المرأة دور الضحية في حين يلعب الرجل دور الوحش المغتصب، فيفتعل الوثوب على الضحية، ويكرهها على إلقاء ما في حوزتها من حلي وورود، وهي تتمنع وتبدي شراسة منقطعة النظير في صده والدفاع عما بحوزتها، فتصرخ «ماما ! ماما !»، فيما يبدي الوحش جسارة نادرة في استنزاف الضحية إلى أن يسقطها على الأرض، فتكون مكافأته تمكين المرأة إياه ما لم تكمن منه رجلا من قبل، وبحرارة جحيمية.

أما مقام «رقصة الموتى»، فتتظاهر المرأة فيه بأنها ميتة، فتأخذ وضع الجثة الهامدة، وتترك الرجل يقطف ما شاء من فواكهها وثمارها وأزهارها، ويجوب هضابها وتلالها وروابيها طولا وعرضا، على الوجه الذي يطيب له، وهي غائبة كليا، لا تتكلم ولا تتحرك، بحيث تمكن رفيقها من حملها من السرير إلى أي مكان آخر في المنزل دون أن تصدر أية حركة، وتلتزم مسبقا بأن لا تشتكي أو تصدر أي صوت إذا ما قادت رغبات الرجل إلى إيلامها، كأن يفتعل الخشونة والسرعة في قطف الثمار والفواكه والجرب في الهضاب والتلال...
أخيرا مقام «علي بابا والأربعين حرامي»، يشبه كثيرا سابقه إلا أن المرأة تتظاهر هنا بالنوم، فيجهد الرجل نفسه ويجتهد في إنضاج الفاكهة وأكلها دون أن تفطن صاحبتها التي يحدث غير ما مرة أن تبدي الانزعاج وما يشبه إحساسها بحضور جسد آخر بجانبها، فتتقلب يمينا ويسارا، بل وقد تصدر تأففا يتعين على الرجل مداراته بمنتهى الفطنة والحذر، كي لا تفطن المرأة لسرقته. سألتها:
- لماذا أربعين حرامي وأنت ما معك إلا واحد؟
- والله إني غرفتُ من بحار العلوم قاطبة، ولم يبق لي سوى علم واحد أوحى لي به مقام صاحبك مالاينجا فاتسيايانا، وهو «قطيع البقر»؛ اشتهيتُ استبدال قطيع البقر بقطيع من الثيران، ولكن حيث لا يمكنني أبدا أن أقيم عليَّ شاهدين أو أكثر، فإني أوكلُ إليك تدبر أمر الاجتهاد في سرقتي بهيأة أربعين رجلا، لك أن تتدبر أمر التنكر والإيهام إلى أن لا يعاودني الإحساس بك مرتين.
وذاك ما كان، حيث اجتهدتُ في اختلاق أجواء، وارتداء ملابس، والتعطر بعطور مختلفة، وإطلاق أغاني متنوعة جعلتني مني أربعين رجلا: فقيها، ومعلما، وأستاذا، وبائع خضر، وجزار، وسائق سيارة أجرة، الخ.، وجعلت من البيت أربعين منزلا: كوخا في قرية، غرفة في بيت صفيحي، شقة في الطابق المائة بناطحة سحاب في نيويوك، قبو في أدغال إفرقيا، الخ.
تذكرتُ زوجتيَّ الأولى والثانية ليلة الزفاف والخلوة الأولى؛ مباشرة بعد قطف الزهرة، قالت كلتاهما الكلمة نفسها، كأنها حفظتها من كتاب مدرسيّ:
- زهرتي الآن قطفتْ، والله لن أردّها في وجه سائل، لن أحرم رجلا واحدا مني...
- أهَّـاه !
عقبتُ باندهال، كان الرد واحدا
- ويلي !
عضت على السبابة، كمشت خذها، قالت بوجنتين محمرتين:
- والله لم أقصد من وراء هذا أي شيء…

لو كنتُ أملك علم «علي بابا والأربعين حرامي» لسألتُ زوجتي الأولى بهيأة أربعين رجلا، ولظل السقف يغطينا حتى اليوم، ولما طلقتها، ولما تزوجت ثانية، ولما طلقت الثانية، قلتُ، فيما صرفتني عن زوجتيَّ مشاغل أخرى؛ تذكرتٌُ زوجها، قلتُ:
- عجبا كيف يملك رجلٌ هذه الموسوعة حوالي عشرين عاما، ثم يبقى غارقا في الجهل حتى الأذنين ! غرتُ منه، تمنيتُ لو تصير الراقدة بجانبي الآن من نصيبي؛ زوجتي...
عندما استيقظنا في «الصباح» فطنا إلى أننا قضينا اثنتي عشرة ساعة نائمين، دبت في جسدينا حركة تفضح استعادتنا كامل طاقتنا البدنية والمزاجية، بل وشحنات فاضة، نمنا مشتبكي الجسدين متعانقين؛ غطيتُ وجهي بسعفات شعرها المخملية، فيما اتخذت من صري وسادة ناعمة.

أثناء تناول الفطور لم تكف عن وضع صفحة يدها فوق جسدي، ثارة في اليد وتارة في الفخذ وثالثة في إحدى الوجنتين، بمنتهى الوداعة والرفق، أحسستُ أني طفلٌ في حضن أم حنون. خيط نفسي رفيع ربطنا إلى الأبد، هو الخيط نفسه الذي شد إليّ دائما كل الإناث اللواتي منحنني أزهارهن، ولو في قطاف عابر، حيث ما ينتهي الحوار الجسدي حتى تتغير نبرة الصوت ونظرة عيني صديقتي عما قبل لتلازما شكلا سيتواصلُ وسأستعيده في كل لقاء لاحق بها ولو في مجرد تحية عابرة في الطريق. يُعيد الجنس في وقت وجيز نسجَ تلك الألفة البدائية بين الجنسين التي سخرت لها الأديان والشرائع والقوانين ترسانة هائلة من التحريمات، ويردم في لمح البصر الأسوار الشاهقة التي يضربها الزوجان حول بعضيهما؛ يكفي أن تنام مع امرأة مرة واحدة وها أنت تنزل في عينها، لا شعوريا، منزلة زوجها الفعلي أو المنتظر، وعلى هذا التعدّد مَدارُ تجريم الجنس وتحريمه كان ولا زال وربما سيدوم قرونا أخرى. فاتحتُ أصدقائي مرارا، في جلساتي الحكواتية، في الموضوع فلم تكن أجوبتهم على الدوام سوى إشارات غامضة، آنذاك راودتني فكرة إنشاء مكتب لضبط الخيانات الزوجية وتبديد شكوكات العلاقات الملتبسة، بحيث يكفي أن أجالس من تحوم حولهما الشكوك، ويتبادلا أمامي بضع كلمات ونظرات، فأقدم الجواب الحاسم عن سؤال هل اشتبك جسداهما من قبل وتعبدا مجتميعين في محراب أم لا ، ولكنني خشيت أن أقع ضحية هذا النوع من التحقيقيات لأنه:
- مع حرصي الشديد على عدم الكذب على البنات، حيث لم يسبق لي، منذ طلاقي الثاني، أن وعدت أي واحدة منهن بالوقوع صريع عشقها في يوم من الأيام، فأحرى أن أفكر في الزواج بها؛
- وصومي صيام الدهر عن النساء المتزوجات،
فإن العديد من البنات، إن لم يكن كلهن يضربن دائما عرض الحائط هذا الميثاق العلني؛ أسأل الواحدة منهن:
- هل لك عاشق أو صديق؟
- أويلي ! لا، لا أبدا. ثم مع من؟ صار الرجال كلهن أولاد حرام. زمن العشق والغرام ولَّى إلى الأبد، ثم إني شطبت على هذا النوع من المفردات من قاموسي..
- أكيد؟
- أعماني الله لو كذبتُ ! إن لم تصدقني فهات المصحف الكريم أقسم به.
- لا، لا، أبدا، أبدا، آمنتُ بالله، آمنتُ بالله.
ثم بعد ذلك تأتي الأخبار بأن لها عاشق أسر قلبها ودوَّخَ عقلها، بل حصل مرة أن وجدتُني أقطف زهرة امرأة متزوجة كانت قد غلظت الأيمان بأنها مطلقة. وطالما عشتُ لن أنس تلك التي كنتُ أعتبرها مضرب مثل في الإضراب عن العشق، حيث كانت ما تضع قدمها في المنزل حتى تتوافد عليها الطلبات عبر الهانف من كل حدب وصوب، ثم اختفت فجأة، فلما تقصيتٌُ أخبارها أجابت أختها الصغيرة:
- ليلى في حالة يُرثى لها، هي في سفر إلى فاس منذ ثلاثة أيام !
- ؟؟؟
- ماتَ صديقها
- أوَلها عاشق؟ قلت دائما إنها لا تحب!!
- لا، كان لها حبيبٌ، وكانا على وشك الزواج.
- وقافلة الطلبات والرغبات عبر الهاتف؟
- ذاك ضروري، هو ضربٌ من القرعة. كثرة الأرقام تضمن أن يطلع دائما رقم رابح !!

قبل الفطور، استحممنا معا في حوض الحمام، قطفنا في الماء متعا فريدة من الكلام الممتزج فحشا وحشمة والمداعبات الجسدية الجميلة، مدت يدها إلى الصومعة مرارا وأذنت بصوت لم أسمعه من قبل، فيما تفيأت ظلال الغابة وجمعتُ حطبا كثيرا وأوقدتُ أفرانا أودعتُ فيها أطباق الليلة المقبلة ورودها. خرجتُ مسرعا فيما بقيت هي هناك حوالي ساعة كاملة. لما خرجتْ كدتُ أجنّ من هيأتها الجديدة؛ أحمر شفاه قان، شعر تبدل لونه من الأسود إلى الأشقر، رداء شفاف أسود يشبه مئزرا وشى بكل ما تحته: كولون أسود ملتصق باللحم، صدرية كشفت عن الصدر إلى حدود حمالة الثديين، الحمالة كشفت عن النهدين إلى الحلمتين، حذاء أسود عال العكب بحيث جعل قامتها تتجاوزني ببضع سنتمرات.

تذكرتٌُ أستاذاتي بقسم الباكالوريا؛ كلما طلعت علينا إحداهن في الصباح بجمال غير عادي كنا نعرف للتو أنها أمضت ليلة أمس راكبة في الأرجوحة، كان ذلك مصدر ضحك لنا ومرادوات لهنّ، وطوبى للواتي كن يجدن فنون مدارات المراودات؛ أستاذة مادة الفرنسية عطفت على الدوام على حرماننا بصدقة من الابتسامات وعرض قطع من اللحم الرخو الطري أمام أعيننا الجائعة؛ كانت تتعمد المجيء بتنورة قصيرة سوداء تعتلي ركبتها بحوالي 20 إلى 30 سنتمترا، ثم تجلس فوق المكتب وتضع فخذا فوق أخرى إلى أن يظهر لون التبان، يسود الحجرة صمتٌ رهيب لا يعكره من حين لآخر إلا صوتُ اعتصار هذا الوحش أو ذاك لذة مسروقة من بين يديه في آخر مقعد بهذا الصف أو ذاك، تتابع الأستاذة نهبنا فخذيها بمنتهى السرية، متظاهرة أنها غارقة في الشرح، فيما نتظاهر بمتابعة الشرح بمنتهى اليقظة والانتباه ونحن غارقين في نهب الفخذين، وكان الفهم يتم بقدرة قادر، كانت أستاذة الفرنسية منحدرة من عائلة بورجوازية لها في التصدق على الفقراء ملاحم، ولذلك كانت توزع علينا الأطباق بقسمة عادلة: للجالسين في المقاعد الأمامية نصيب الرؤية عن قرب، وللجالسين في المقاعد الخلفية نصيب العبث بشؤونهم إلى أن يعتصروا اللذة من أجسادهم اعتصارا، بخلاف أستاذة مادة الفلسفة؛ لم تفهم أو تظاهرت بعدم الفهم فعاقبناها عقابا شديدا؛ أدخلناها مستشفى الأمراض العقلية، وبعد خروجها منه فصلتْ عن هيأة التدريس وألحقت بالطاقم الإداري؛ بالغت في إخفاء جمالها منذ أول حصة، وجاءت على الدوام مرتدية الوزرة البيضاء التي أرغمنا أستاذات العلوم الطبيعية والفيزياء نفسيهما (وهن المجبرات على اردتائها بحكم مادة التدريس) على خلعها وإظهار ملابسهن الطبيعية وجمالهن الطبيعي؛ وصبيحة أيقنا أنها ركبت الأرجوحة راودناها، لم تفهم أو تظهارت بعدم الفهم، أمعنا، صدتنا بفظاظة، أقمنا عليها القيامة؛ تظاهرنا بعدم الفهم، اتهمناها باستصغارنا وبالعبث بعقولنا، زعمنا أن الدروس أقل من مستوانا بكثير، طالبنا بحضور لجنة للتحقق من كفاءة الأستاذة، هددنا بإشعال إضراب في الثانوية، سقطت الأستاذة مغمى عليها، حضرت سيارة الإسعاف، ووحده ذاك ما كان ينقص كي تأخذ الأستاذة وجهة مستشفى الأمراض العقلية.

خلعت سليلة الشياطين الرداء الأسود، خلعت الكولون، ظهر جوربان أسودان اعتليا رجليها من القدمين حتى الحزام وأبرزا اللحم الأبيض في هندسة بديعة، من وراء الجوربين ظهر سترينغ أبيض، جابت بهو المنزل مرات كعارضة أزياء، اتجهت إلى الثلاجة، أحضرت طبق فراح حمام محشوة برأس الحانوت(*) وزجاجتي خمر، وفواكه، شغلت قرص موسيقى هادئة، أكلنا، شربنا، تبادلنا قبلات ودعابات، أحسستُ بحرارة تنتشر في جسدي، لذتُ بالسرير وأنا أناديها بأعلى صوتي:
- الحقينــي ! الحقينــي !
كبرت فراخ الحمام بسرعة قياسية، تحولت إلى قوافل أزواج حمام زاجل يحلق بنا في الأجواء العليا؛ أعطى كلانا للآخر ما هو أشد حميمية فيه، وبمنتهى الكرم، إلى أن رشح جسدانا عرقا وحُلت عقدتا لسانينا فتبادلنا وحيا مزيجا من الفحش والحشمة؛
- سيدي ! أنا عبدة لك. سيدي! مُرْ فأطيع. احرثني أنى شئت. أنا الأرض العذراء وأنت الفاتح الغازي !
ردَّدت مرارا بعدما أركبتني في أرجوحتها، فيما استعدتُ نخوة القرون السابقة إلى أن وجدتُني ألعب أدوارا شتى...

لتبديد سأم اللذة، خللتْ قعودنا في المحراب بتمثيل دور «كايشة يابانية»، فهمتُ سر الجوربين السوداوين المُخرَّقين..

فيما كنا غارقين في لعبنا الجميل، هوت على باب المنزل طرقات شديدة ملحاحة لا يمكن أن تصدر إلا عن شخص يعرفني حق المعرفة، وهو ما استغربته لأنني كنتُ أوصدتُ باب منزلي بقفل مُهنَّد على الأصدقاء قاطبة منذ ليلة المداولات التأديبية للمدير والمعلمة الخائنين. ارتبكتُ، توقعتُ الأسوأ؛ شخص ما قد يكون سعى بي إلى الشرطة، حبستُ أنفاسي، تسارعت دقات قلبي، قالت بمنتهى الهدوء:
- إنها طرقاته.. افتح له الباب، ثم ادخله..
- من؟؟ !!
- هو
- من هو؟؟ !!
- اسرعْ، اسرعْ، ستفهم فيما بعد

توجهتُ نحو الباب أجر خطوا متثاقلا فيما انخرطت هي في ارتداء ملابسها المحترمة الأنيقة التي لبستها ليلة المعرض التشكيلي.

قبالة الباب، وجدتُ سيارة 4 ×4 سوداء اللون فاخرة، قعد أمام مقودها سائق فيما وقف شخص ثان أمام الباب. كان طارق الباب رجلا مُسنا في حوالي منتصف الستين، نحيفا بشكل خاص، ارتدى ملابس أنيقة جدا وتعطر بعطر تقرص رائحته الأنفَ عن بُعْد، تذكرتُ أنه سبق لي أن رأيته من قبل دون أن أعرف أين ولا متى، حياني، حياني ثم سأل:
- لازالت هنا؟

قبل أن أنطق بكلمة واحدة كانت هي واقفة خلفي، أجابته نيابة عني ثم استدرجته إلى المكتبة، أوصدت الباب، جلسا وحيدين. أجهدتُ نفسي في التصنت على حديثهما من وراء الباب، لكني لم أتبين من كلامهما أي شيء؛ كل ما التقطته لم يتعد كلمة «نعيم»، وبعض القهقهات التي حرصا حرصا تاما على كتمانها في ما أظن. أحسستُ بنفسي غريبا في منزلي، بل دخيلا؛ كأنني حشرة أو أكذوبة. استبدت بي الوساوس؛ لماذا يضحكان؟ أتراهما أوقعا بي في فخ مدروس؟ من أخبر زوجها بأنها هنا؟ من أعطاه عنوان المنزل؟ كيف تبينتْ طرقاته؟ لماذا لم يُبد أي استغراب من وجودها هنا مع أنه يعلم، حسب كلامها، بأنها مسافرة في ندوة؟وما أدراني؟ فقد تكون حكاية الإشعار بالندوة مجرد كذبة؟ لماذا توجَّه معها إلى المكتبة كأنه ذاهبٌ إلى مكان يعرفه حجق المعرفة؟ بل لماذا لم يجُل بعينيه ولو لحظة في فضاء المنزل وكأنه في منزله؟ هل كلمته في الهاتف؟ متى؟ ولماذا؟ ثم لماذا لم تخبرني؟ تحول عقلي إلى آلة لإنتاج الأسئلة المقلقة.

استحوذ عليَّ الفزع؛ تذكرتُ قصصا عديدة عن فخاخ الزوجات، وبالخصوص أول قصة سمعتها في حياتي في الموضوع، وأنا لازلتُ طفلا، وآخر الحكايات، وكنتُ قرأتها منذ بضعة أيام فقط في إحدى الصحف:
- إياكم يا أبنائي والنساء المتزوجات !


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aflcine.ahlamontada.com
 
امرأة من سلالة الشيطان ج3
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
جمعية الاخوين لوميير للسينما :: أفضل الروايات :: امرأة من سلالة الشيطان-
انتقل الى: