جمعية الاخوين لوميير للسينما
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
جمعية الاخوين لوميير للسينما

Association Frères Lumière du Cinéma
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 امرأة من سلالة الشيطان ج10

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 608
تاريخ التسجيل : 23/11/2007

امرأة من سلالة الشيطان ج10 Empty
مُساهمةموضوع: امرأة من سلالة الشيطان ج10   امرأة من سلالة الشيطان ج10 Emptyالأحد مارس 16, 2008 11:13 am

في المساء، حول مائدة العشاء، أخرجتُ شراب البونش كاكاو، بعد أن أتلفتُ حجج التعرف عليه، زعمتُ لنعيمة أنه عصير فواكه كانت سيدتها قد أهدته لي، تظاهرتْ بتصديقي، شاركتني الشراب بنهم. انتهت الزجاجة الأولى، أحضرتُ ثانية، اكتشفتُ أنها سكيرة كبرى. تواصل الشراب، طرقتُ بابها مُجَددا؛ طوقتُ جيدها بذراعي منتظرا أن تستسلم لي، فتهمل خصلات شعرها على خذي، ونغرق في قبلة طويلة عميقة، تنتهي بنا في الفراش، إلا أنها جددت تمنعها؛ صدتني بلطفها المعهود. خمنت أن في الأمر لغزا ما، تساءلتُ: ما سرّ نظرات الغواية التي أحاطتني بها ليلة أمس؟ ما سرّ تلصصها من ثقب باب غرفة النوم في الليلتين السابقتين؟ عزمت على استلال السر منها، سقيتها مزيدا من الكؤوس، لعبت الخمر برأسها، تلكأ لسانها، وها هي تبوح بالسر المكنون منممة في سيِّدتها:
- والله ليست هي الآن في ندوة ولا يحزنون! هي الآن مع عشيق آخر، وما أرسلتني إليك إلا لتشديد الحراسة عليك كي لا تخونها مع امرأة أخرى!
- والله؟!
- والله ما أقول إلا صدقا! هذا ما قالت له لي في مكالمة يوم أمس!
- وإذن فهي تخونني! ممممه! يحل عليَّ أن أخونها!
- ولكن، إن تأت فجأة وتجد معك بنتا أو امرأة تُعاقبني عقابا شديدا!

أبانت نبرة كلامها الأخير عن تعاطف كبير معي، عاودتُ مراودتها، رفضت بالإصرار نفسه، أيأسني حل لغزها، قررتُ الإضراب عنها نهائيا، وطي صفحة محاولة معرفة سر تمنعها تاركا للأيام الإتيان بأخباره. انعطفتُ باهتمامي نحو وجهة أخرى: ماذا لو كسبتُ ودها بحيثُ تتكفل بسوق نساء وبنات سرا إلى المنزل من هذا الحشد من أسماء البنات اللواتي امتلأت حقيبتها اليدوية عن آخرها بأرقام هواتفن؟!، نعم فتشتُ جاملة أوراق نعيمة سرّا، مغتنمنا فرصة اختفائها في الحمام، فهالتني ما فيها من كثرة أرقام الهواتف التي لا يوجد مثلها إلا عند القوَّادين والقوَّادات. أكثر من ذلك، كانت جميع الأرقام مكتوبة بخطوط أنيق تنم عن المستوى الاجتماعي والثقافي لصاحباتها، وكان الشاهد الثاني على هذا الرقي أسماءُ صاحبات أرقام الهواتف؛ لا وجود إطلاقا لأسماء بدوية وشعبية، مثل خدوج والشعيبية والضاوية والسعدية وفطيمو ومليكة وخدوج وغيرها من الأسماء التي تفضح دائما الأصل الاجتماعي والثقافي لحاملاته، مثل الذكور تماما. هذه نظرية تراكمت لديَّ على مر السنين بحيث صرتُ أعمل بالمبدإ الضمني: قل (أو قولي) لي ما اسمك أعرف من أنت. كانت الأسماء المحفوظة عند نعيمة كلها جميلة: سناء، فردوس، هند، لمياء، خولة، شيرين، سهام، سُميَّة، شهرزاد، سميرة، ليلى. خمنتُ أنهن من معارف المرأة المكتنزة اللواتي دوخني حكيها عنهن، في الليلتين الأوليين، عندما قالت إنها تتخذ من مغامراتها مع الرجال أحاديث سمر مع صويحباتها، فتفتخر عليهن بأنها ذات حظوة بين الرجال، وإنها تثير إعجابهن الشديد، بل وغيرتهن، حيث لا تتردد بعض صويحباتها – حسب ما قالت – في الترديد بلهجة منكسرة:
- أنا التي أبحث عن رجل، مجرد رجل لا غير، بالريق الناشف منذ زمن طويل، كي أتخذه لي صاحبا لا غير، لا أريد منه زواجا ولا أطفالا؛ أريد فقط أن يحبني وينذر الوفاء والإخلاص لي، لم أنجح أبدا في العثور عليه، مع أنني مستعدة لإيوائه في منزلي، وإن اقتضى الأمر فأصرف عليه. أما أنتِ.. أما أنتِ.. فمتزوجة، ومع ذلك تصولين وتجولين في روضة العشاق، تجيئين كل يوم بفارس أحلام جديد. بالله عليك، دليني يا أختي عن الوصفة السحرية التي تستعملين...

فكرتُ: يكفي أن تضعني نعيمة على اتصال بواحدة من هذا الصنف فيحل المشكل نهائيا؛ سيصير بإمكاني خوض المغامرة معها بعيدا عن المنزل، وترك نعيمة وسيدتها تحرسان الريح والخواء. فاوضتُ نعيمة في الأمر، تمنعت في البداية تمنعا شديدا، ولكني سقت لها من الحجج ما جعلها تتنازل «للمرة الأولى والأخيرة»، على حد تعبيرها، ناسية أنني ما أحتاج سوى لهذه المرة اليتيمة، إذ يكفي أن أختلي في الفراش بمن سأنعم بها في هذه الليلة المسروقة، فآخذ منها رقم هاتفها وعنوان سكنها، بل وأرتب معها برنامج أسبوع كامل، بل وحتى شهور، من اللقاء السرية المضمونة على غرار ما فعلتُ على الدوام أيام كان الخصاص يقودني إلى الاستنجاد بقوَّاد أوقوادة بُعيدَ طلاقي الأول والثاني؛ يأتي الوسيط أو الوسيطة مرفوقا (مرفوقة) بالمرأة التي اشتهت نفسي، بعد أن أكون قد أسهبتُ في عرض مواصفاتها، من حيث الطول والوزن، ولون البشرة والشعر، فأؤدي ثمن السّخرة، وأختلي بالحسناء في غرفة النوم، وها هو كل شيء ينتهي؛ أدون رقم صاحبتي، فتتواصل لقاءاتنا السرية، بعيدا عن الوسيط أو الوسيطة، وكلما جدد هذا الوسيط أو الوسيطة اللقاء بي عارضا علي خدمة جديدة أخبره بأنني قد التزمتُ مع زميلة لي في العمل أو موظفة في البنك أو ممرضة، بل وأمضي إلى الزعم بأنني تزوجتُ إذا ما ألح القواد أو القوادة في طرق باب منزلي لأجل مزيد من الوساطات مع النساء والبنات...

اختفت نعيمة في غرفتها لحظة ثم خرجت وهي ترتدي بذلتها الرياضية وتحمل حقيبتها اليدوية، تأهبتْ للخروج.
- أوووه! إلى أين؟!!!
- انتظرني سأعود حالا ببنتنين!

قالت بعجالة ثم اختفت، لم تسعني الدنيا فرحة، انصرفتُ لتقليب الفضائيات الأجنبية طبعا، المحلية طلقتها الطلاق الثلاث لأنها تعيدني ثلاثة قرون إلى الوراء؛ كأنها موجهة لقبائل بدائية تعيش في القرون الوسطى. شربتُ، وسمعت بعضا من روائع الغناء الغربي والعربي، لم أحس بانصراف الوقت، مضت حوالي ساعة، وها هو طرق في الباب، ونعيمة تتوسط بنتين، ولكن:
- أووووه يا للمفاجأة!!!

ها هي تعود مرفوقة فعلا ببنتين، ولكن من هما؟ زوجتي الثانية والريفية!
- أووووه! سعيـد؟! سعيــد؟!

صرخت المرأتان، ثم ارتمتا عليَّ، وتعلقتا بي مثل طفلتين، أغرقتني بالقبلات، شذهتْ نعيمة، أحست بنفسها غريبة بيننا، علقت:
- آه! بينكم معررفة سابقة؟
- والله عندما وصلنا إلى مدخل الحي، قلت في خاطري: كأنني عائدة إلى بيت زوجي، ولكن الليل والسّكر أبدى الزقاق مقلوبا؛ رأيتُ الشمال جنوبا والجنوب شمالا...

عقبت عليها الريفية:
- إيه والله ذاك ما دار في خاطري!

انقلبت فرحتي إلى توجس؛ فالريفية هذه من الصفحات السوداء في حياتي، من طينة سليطة النساء تماما مع فارق في درجة التحضر الظاهري والانتماء العائلي؛ بخلاف سليطة اللسان، الريفية مدينية حتى النخاع ومنحدرة من عائلة كبيرة. عرفني عليها قوَّادٌ بتسليمي رقم هاتفها مقابل مبلغ باهظ بعد أن رأيتُ هيأتها عن بُعد. لزمني مُحاصرة القواد طيلة ثلاثة أشهر بطلب وضعي على اتصال معها لأظفر في النهاية برقم هاتفها، كان دائما يسوق عُذر أنها فوق مُسْتوَايَ، وأنها تمارس الذعارة الرفيعة؛ تقضي ليلة واحدة أو ليلتين خارج البيت فتسوق من المال ما يكفيها مؤونة شهر أو شهرين... فتاة رائعة كأنها عارضة أزياء، طولها متر و77 سم، ووزنها 55 كلغ لا غير، ببشرة بيضاء، وشعر تتفنن في صباغته وإعطائه هيآت شتى؛ لما عرفني عليها القواد كان لونه أشقرا، ولما تأتى لي استضافتها في البيت، بعد أن أذاقتني الأمرين من المواعيد العراقيب، جاءت به أسود اللون بظفيرة الرَّاسْطا. بعد أيام، وتحت إلحاحي بضرورة إزالة هذه الراسطا، تحول الشعر إلى لون أحمر رماني ناعم فصار ما من أحد يراها إلا ويظن أنه أمام المغنية الفرنسية إيزابيل أدجاني منتصف الثمانينيات (لا الآن)، بل وأفضل منها مادام عمر إيزابيل آنذاك كان 30 عاما فيما لا يتجاوز سن الريفية 21 عاما؛ والله لو وقع عليها مصمم أزياء أوروبي لصارت نجمة عالمية بين ليلة وضحاها، ولملأت صورتها كبريات الشاشات العالمية.

لما وطأت قدماها البيت لم أصدق عيني؛ فقد وصلتْ، في موعد اللقاء بهيأة شبه ملاك صغير؛ جسد ممشوق رقيق ملفوف وسط شبه مئزر قصير أسود اللون، تفوح منه رائحة أجود العطور، ووجه جمَّلته أجود أنواع الماكياجات، وتنورة كشفت عن ثلثي لحم الفخذين، وصوت رقيق يُبديها مثل طفلة في سن العاشرة أو الإثني عشرة سنة على أبعد تقدير. وجدتْ المائدة مملوءة عن آخرها بزجاجات الخمر، حيث كنتُ أنوي تمزيق رقم هاتفها ما لم تف في آخر وعد هاتفي لها بالمجيء وصرف الليلة في السكر وحيدا، شربتْ معي كثيرا، وأمطرت مسامعي بحكايات مغامراتها بعربية ذات لكنة ريفية واضحة، بل استجدت بي مرارا كي أوجد المقابل العربي لكلمات وأسامي ريفية، سائلة: «ماذا تقولون لهذا؟». أكلت ودخنت، ثم عرت فخذيها إلى أن ظهر سترينغها الأسود، وأغرقتني بالقبل وسلمت لي زهرتها بسخاء. في الليلة ذاتها نفر خاطري منها لوجود قرائن عديدة تشي بأنها بنت غير متوازنة رغم انحدارها من عائلة ثرية بالناضور؛ فهي طليقة ابن رب شركة نقل يملك أسطولا من الباسات، وحفيدة جد ربح في اللوطو مبلغ ملياري سنتيم أمَّن الحياة ليس له فحسب، بل وكذلك للسلالة، ولكن جروح الحفيدة النفسية العائدة إلى الطفولة كانت أغور من أن تلتئم بالمال والجاه، ولذلك شدت الرحال إلى الرباط؛ ظاهريا كي تدرُسَ الحلاقة وتبحث عن شغل، ولاشعوريا كي تسقي زهرتها التي أذبلتها سنوات الطلاق الثلاث ونعيق العجائز من حولها اللواتي كنّ يعيِّرنها صباح مساء بالطلاق ويسخرن ما لا يقوى على تسخيره إلا المردة والشياطين كي يزوجنها ثانية، ولكن بمن؟ بعجائز كلهم تجاوزا الخميسن عاما! ومن يدري؟ فربما ارتبطت سرا بأحدهم هناك، فجعلا الرباط مكانا لوصال مستحيل في مدينة صغيرة تضرب على النساء حصارا ربما أقوى من نظيره الذي كان يُضرب عليهن في القرون الوسطى؛ فهي أول ما مارست الدعارة في الرباط، حسب قولها، مارستها مع فتية من مدينتها يعرفون عائلتها حق المعرفة..

من القرائن التي وشت بأنها بنت غير متوازنة ظهور آثار جرحين غائرين على مستوى مقدمة ذراعها:
- ما هذان الجرحان؟ أبسبب عشق أحدهم؟

وكنتُ أنتظر أن تجيب بالإيجاب لأن هذا النوع من الجراح لم أألفه من قبل إلا لدى صنفين من البنات: صغيرات السن اللائي يعمدن إلى وشم أيديهن بإبر حادة، جراء تخلي من أحببنهن عنهن، أو لدى مدمنات الخمر والمخدرات اللواتي يعمدن إلى الانتقام من أجسادهن شر انتقام بسبب تخلي عشاقهن عليهن. ولكنها فاجأتني بجواب غير منتوقع تماما:
- لا لا، أبدا أبدا. أنا لا أحب. ولا يوجد رجل واحد في الدنيا يستحق أن أفعل من أجله كل هذا. أنا التي فعلت هذا بنفسي هذا عقابا لها كي لا تثق في البنات مجددا؛ فقد سرقتني صديقات، وذهبن بما قيمته 000 5 دولار من الحلي الذهبية...

تكلمت الريفية بكلام غير لائق، كعادتها، حذرتها:
- الريفية! كنتِ أقسمت ألا تضعي قدمك ثانية في منزلي! وها أنت عدتِ! أطلب منك شيئا واحدا؛ لزوم الهدوء والصمت ! البنت التي ترافقك هي زوجتي الثانية الطالق التي طالما حدثتك عنها عندما كنت مقيمة معي هنا ! وأظن من حقي أن أختلي بها !
- اذهبا معا إلى الجحيم ! سأنام مع نعيمة صاحبتي !

قالت بلسان لواه السّكْر، ثم أحاطت نعيمة بذراعها وغرقا معا في قبلة عميقة.

أسألك اللطف يا رب! قلت، وأنا أتهيأ ليلة غير مضمونة العاقبة.
سألتُ الله اللطف لأن الليلة كانت فعلا غير مأمونة العاقبة، فقد تحالفت الصدف ضدي لتسوق المرأتين اللتين كنتُ سخرت حيل الدنيا ودهاءها لإخراجهما من المنزل، وكانت كلتاهما مصممة على النبات فيه مثل شجرة غائرة الجذور: زوجتي الثانية، ثم البنت الريفية:

لما اشتدت الخلافات بيني وبين زوجتي الثانية، أيام كانت لازالت تحت ذمتي، صار كل شيء من حولي في المنزل يوحي بأن الأمور آيلة إلى ما آلت إليه مع زوجتي الأولى التي تقدمتُ بطلب تطليقها فيما أصرت هي على البقاء، فكانت النتيجة أن تنازلتُ لها على كل شيء؛ غادرتُ المنزل بحقيبتي وجذاذات تحضير الدروس وبعض الكتب والملابس التي كنت أرتديها لحظة دخول الطلاق حيز التطبيق لا غير. الباقي كله صار في ملكها؛ المكتبة والأفرشة والأثاث والأجهزة الإلكترومنزلية. كانت تلك مشيئة المحكمة وإرادتها؛ جزاء إيقاع زوجتي بي، عبر إجراء عملية استعادة البكارة اصطناعيا، منحها القاضي منزلا مفروشا ومؤثثا، كلفني ثروة طائلة، لتأوي فيه العاهرات وتمارس فيه الدعارة على مرأى ومسمع من الجميع. ذاك ما فعلتْ والله؛ فقد رأيتُ بأم عيني قوادين وقوادات وعاهرات وزبناء يحجون إلى بيتي من كل فج عميق قبل أن تقضي مدة عُدّتها. كانت امرأة على عجلة من أمرها...

ولكي لا يتكرر الأمر مع الزوجة الثانية، فقد لجأتُ إلى الحيلة: تظاهرتُ مرة بالوقوع تحت نوبة غضب هستيرية، فهممت بضربها، ثم عدلتُ وأقسمتُ القسم الثلاث بأنها طالق، فما مرت حوالي ساعة حتى تظاهرتُ بالهدوء والندم، وسخرت من الحيل ما جعلها تصدقني؛ ذرفتُ دموعا، وقلتُ لها إني لن أطيق الحياة بعدها سواء وحيدا أو مع امرأة جديدة، ثم أجريتُ معها مفاوضات استغرقت أسبوعا كاملا أقنعتها خلالها بضرورة إيفاء القسم حقه، وذلك بأن تتقدم هي إلى المحكمة طالبة الطلاق، فيتم الأمر، وبعد مدة أعيدها إلى البيت، وذاك ما كان: توجهت هي إلى المحكمة وطلبت طلاقا خلعيا، بدعوى أنني لم أكن أوفيها حقها في الفراش، فتنازلت لي على كل شيء، وغادرت المنزل على نحو ما غادرتُه أنا بعد تطليقي الزوجة الأولى، منتظرة أن أعيدها في غضون بضعة أشهر بناء على اتفاقنا. ولكن هيهات ثم هيهات! مع من؟ معي أنا الذي ذقت مرارة لدغة الزوجة الأولى؟! أبدا، أبدا! لن يتكرر هذا أبدا! تركتها تنتظر الريح والخواء؛ اختفيت من المنزل طيلة شهور، حيث أقمتُ مع جماعة من الأصدقاء العزب، وغيرتُ مسلك الوصول إلى المدرسة ومغادرتها، إذ صرتُ أتسلق السور الخلفي القصير دخولا وخروجا، وكان زملاء لي يخبرونني بتربصها بي في مدخل المؤسسة طيلة الأسابيع الموالية للطلاق، وتكفلوا بإبلاغها بأنني قد تحولت إلى مدرسة أخرى، بل وربما زعموا لها أني غادرتُ الرباط إلى مدينة أخرى. ولما يئستْ، آنذاك فقط أخلت سبيلي، فما كان منها إلا أن شمرت على الساعدين وخرجت إلى الحانات تكافح في شؤون الرجال. ها هي تأتي الآن رفقة قوادة منتظرة أن تجد أي رجل إلا أنا طبعا! من أين لها أن تدفع عنها تهمة الدعارة وهي مضبوطة في حالة تلبس، بل وبجميع قرائن الجريمة؟ هل ستقول إنها جاءت رفقة نعيمة للصلاة أو الحج؟! طبعا لا، ولكن ماذا لو خطر ببالها أن تنتقم مني هذه الليلة بسبب مقلب الطلاق الذي صنعته لها؟ ماذا لو وضعت أصبعيها في أذنيها، وأطلقت حنجرتها بالصراخ إلى أن يحتشد الجيران في البيت؟! ماذا لو اتهمتني بأنني حطمت حياتها وألقيت بها في حضن الدعارة والفساد؟

لطفك يا رب! فأنا لم أذنب في حقها قط. ضميري مرتاح تماما من جهتها؛ ظلتْ تشح عليَّ بما تزوجتها من أجله، على سنة الله ورسوله، طيلة السنوات الخمس التي جمعتني وإياها تحت سقف واحد؛ ما منحتني إياه بسخاء إلا يومين: يوم أخفى زميلي الأشرطة البورنوغرافية عندي، ويوم أقامت والدتي معنا، بل هنا وحش سادي معي ومع أمي. أما عن خيانة الأعين، فحدث ولا حرج؛ أحلت لنفسها أن تتعرف على أشباه مارادونا وشاروخان وإلفيس برسلي وغيرهم وحرَّمت عليَّ مجرد جسّ نبضها بتشبيه معلمة مزعومة بالشابة الزهوانية! لوت على ياقتي، وملأت المنزل صُراخا :
- لماذا أطلت النظر فيها إلى أن وقفت على وجود شبه بينها والزهوانية؟! ودين أمي! أنا لا أعرف زهواني ولا زهوانية! والله إن تعد مثل هذا الكلام على مسمعي لأشرعنَّ محرابي لأول طالب، وليكن في علمك أن طلابي كثـرٌ...
- طيب، وأنتِ لماذا أطلتِ النظر في الرجل الفلاني والفلاني والعلاني إلى أن وقفت على الشبه الموجود بينهم وإلفيس وماراودنا وشاروخان؟!

لم تترك لي ذرة فرصة لطرح هذا السؤال؛ كلما هممتُ بالكلام دست سبابنيها في ثقب أذنيها وأعادت على مسمعي التهديد السابق بصوت أقوى..

البنت الريفية فصل من الملحمة نفسها؛ مع أنها لم ترتبط بي بعقد زواج، فإنها أذاقني من المحن ما كسا رأسي شيبا في بضع أسابيع وجعلتني أتحسر ندما على يومَ ولدتني أمي؛

لما أدخلتها بيتي لأول مرة، لم يكن في نيتي أبدا أن أقضي معها أكثر من ليلة واحدة، ولكنها جاءت بمخطط أحكمتْ وضعه طيلة الأيام الثلاثة التي ماطلتني فيها بعراقيب المواعيد؛ جاءت مصممة ليس على الإقامة معي نهائيا فحسب، بل وعلى الزواج بي دون استئذاني؛ قالت إنها سئمت حياة الوحدة وتريد الارتباط بي مقابل أن أسدد شهريا ثمن الشقة التي تكتريها لا غير. وهو ما لم أتردد لحظة في قبوله ولا أظن أنه كان بوسع أي رجل غيري أن يرفضه، لسببين:

الأول: أنني نفسي كنتُ بصدد البحث عن امرأة طالق أو أرملة أو حتى بنت مفتوجة دون علم أبويها كي أرتبط بها دون عقد زواج مقابل أن تتفرغ لشأني فتوفيه حقه مرتين في الأسبوع على أن أمنحها مبلغا شهريا نتفق مثلما ما يفعل العديد من الرجال في وضع مماثل لحالتي.
الثاني: المبلغ الذي طلبته الريفية زهيد جدا بالمقارنة مع جمالها وما كانت تتقاضاه من الزبناء في كبريات ملاهي المدينة وفنادقها الفاخرة؛ فقد حكت أن أحد أثرياء العاصمة الاقتصادية أعطاها مرة مبلغ 3500 دولارا مقابل أن تداعب صومعته وتمصها لا غير، بعد أن تحشوها في كأس مُربَّى، «وهو ما كان، ولم تستغرق العملية أكثر من 10 دقائق»، على حد تعبيرها.

في الصباح أديت لها ثمن المبيت معي، والتزمتُ بأداء ثمن كراء شقتها شهريا مقابل أن تنام معي مرتين في الأسبوع. انتظرتُ أن تنصرف على أن أراها مجددا في منتصف الأسبوع، فانصرفت فعلا، ولكن ما حل المساء حتى جاءت بحقيبة ممتلئة عن آخرها بملابسها ولوازمها التجميلية لتحط عصا الترحال عندي، ويتضح أنها ليست ربة صالون حلاقة بالاشتراك مع سيدة أخرى، كما زعمت من قبل، بل مجرد عاملة في هذا الصالون. بعد يومين، ظهرت لمسة أصلها الراقي في المنزل بوضوح؛ نظفته، وأعادت ترتيب كل الأفرشة والأثاث والأواني، على نحو بديع لم يسبق لامرأة أن رتبته به بما في ذلك زوجتي الأولى والثانية والشغالات الست... ولكنها، في المقابل، مدت يدها إلى صور جميع النساء والبنات التي كانت بحوزتي فمزقتها بوحشية نادرة، ثم منعت عليَّ استقبال أي امرأة أو بنت ولو باسم الصداقة، أكثر من ذلك صارت تتولى الإجابة عن المكالمات الهاتفية التي أتلقاها، وكلما انتهى إليها صوت أنثى أوسعتها شتما وسبا زاعمة أنها قد تزوجت بي. حسبتُ الأمر في البداية مجرد مزحة أو جسّ نبض لرد فعلي، لكني لما عزمت ذات مساء على استضافة صديقة دخلت الريفية في حالة هستيرية وهددت بأن تصب أحد سوائل النظافة المحرقة في جسد الفتاة إذا ما تخطت باب المنزل. بعد يومين استضافت ربة الصالون الفعلية وقدمتني لها باعتباري زوجها، باركت ربة الصالون مشروع الزواج، وأغرقت مسمعي بالثناء على جمال الريفية وحسن خلقها وأمانتها زاعمة أنني لن أعثر على زوجة أفضل منها. حاولتُ مرارا إقناع ربة الصالون بأنني ليس لدي أية رغبة في الزواج مجددا، وسقت لها حججا كثيرة على عدم مناسبة الريفية إياي لأسباب عديدة، أقلها أن تفاوت السن بيننا الذي يصل إلى حوالي ربع قرن:
- والله إنكَ لازلت شابا، وتفاوت السن ليس كبيرا بينكما، لا يبلغ الفارق بيني وبين زوجي الذي يكبرني بـ 40 عاما !
- والله؟!
- إيه، ورزقتُ منه ثلاثة أطفال !


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aflcine.ahlamontada.com
 
امرأة من سلالة الشيطان ج10
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
جمعية الاخوين لوميير للسينما :: أفضل الروايات :: امرأة من سلالة الشيطان-
انتقل الى: