جمعية الاخوين لوميير للسينما
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
جمعية الاخوين لوميير للسينما

Association Frères Lumière du Cinéma
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 امرأة من سلالة الشيطان ج 13

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 608
تاريخ التسجيل : 23/11/2007

امرأة من سلالة الشيطان ج 13 Empty
مُساهمةموضوع: امرأة من سلالة الشيطان ج 13   امرأة من سلالة الشيطان ج 13 Emptyالأحد مارس 16, 2008 11:22 am

على مائدة الفطور أخبرني الغلام بالصفقة التي ينوي عقدها معي بدون لف ولا دوران:
- سجل رقم هاتفي. سآتيك بأجمل الحمام (هذه هي التسمية التي يطلقها على النساء والبنات)، أعرف نساء وبنات كثيرات لا تطأ أقدامهن الحانات، فيهن موظفات صاحبات سيارات، متوجات ومطلقاتـ ما يردن إلا اللهو والنشاط في أمكنة مستورة مع رجال آمنين. اشتر الخمرة والسجائر وهيء العشاء، أجيئك مرفوقا بواحدة، تمكث معك من السابعة مساء إلى العاشرة ليلا، بعدها تنصرف هي وأواصل السهرة معك حتى مطلع الصبح! سآتيك في كل يوم بجمامة جديدة.
قال ذلك، ثم مد يده إلى شأني من تحت المائدة وراح يعبث به ويداعبه.
تبارك الله! هذا ما ينقصنا! قلتُ في خاطري...
لما انصرف الإثنان، تفقدت جيبي، فطنت إلى أن الليلة كلفتني نصف راتبي الشهري، وأنني بما صرفته من خمور على صويحبات الضبية في الحانة، وبما أحضرته من مأكولات من أحد المطاعم الليلية، وخمور من أحد باعتها السريين، قد تشبهتُ بثريّ مشرقي من حيث أدري ولا أدري...
لم أفطن إلا وأنا داخل السوبر ماركي. بمجرد ما رآني صاحبه تخلص من الجماعة المصطفة أمامه للأداء، وثب نحوي، صافحني بطريقة استعظمتها، لم أظهر استغرابي، كأنني كنتُ صديقا حميميا له أو واحدا من أفراد عائلته؛ صافحني من الوجنتين، بوجه مجمر وابتسامة عريضة، داهمني بأسئلة غير متوقعة بتاتا، فما كان مني إلا أن اختلقت جوابا بسرعة البرق:
- أهلا، أهلا أستاذنا الكبير، كم وحشناك والله، خيرا، أين كل هذه الغيبة؟ ! (قال)
- كنتُ في فرنسا، التحقتُ ببعثة التعليم المغربية هناك !
- جميل ! ذاك ما قالته لنا أختك، والله إنك لحسنا فعلت بنفسك، ستحرق المراحل، ستنبي لك منزلا، ولو أحسنت التصرف فمن يدري؟ قد تعود بما يغنيك عن التعليم، فتستقيل منه، وتنشيء مشروعا تجاريا هنا. ثم إنك تركتَ بيتك في أمان؛ زوجتك لا ترفع عينيها في الرجال، كأنها محتجبة، وأختك نعمَ النساء، تقوم بواجب حماية زوجتك ورعايتها على أحسن ما يرام، كأنها لها زجا، أما الشغالة فتنجر أشغال البيت بأصابع من ذهب !
هالني ما سمعتُ، اختلقت عذرا للتخلص منه بسرعة، اتجهتُ إلى ممرات السوبر ماركي ورفوف السلع متظاهرا بالتبضّع. تفداعت الأفكار في ذهني على نحو غريب؛ التفكير في شيماء دون شك هو ما كان وراء الزعم بأنني أشتغل في بعثة التعليم المغربية بفرنسا؛ هذا بالضبط ما كنتُ قلته للوطي بعد أن طاردني بالمكالمات الهاتفية وعروض القوادة طيلة الأيام الموالية لليلة اليتيمة التي سهرناها معا في المنزل؛ قلتُ له حرفيا في آخر مكالمة هاتفية بيننا:
- اسمعي يا شيماء ! آسف جدا؛ فقد دعتني الوزارة للالتحاق على وجه الاستعجال بببعثة التعليم المغربية بفرنسا !
- واو ! رائع ! رائع يا حبيبي ! وستبحث لي عن زوج هناك؟
- ما في ذلك شك !
- ولكني أخبرك منذ الآن بأنني لستُ بالبنت البائرة كي أقبل أول طالب ليَدي! والله لو لم يكن ذا دخل محترم، وإقامة فاخرة، وصاحب ذوق رفيع وشأن عظيم لما قبلته.
- أعرف جيدا ذوقك يا شيماء. أعدك بالزوج الذي تنتظرينه، سأحضره معي، بل وربما أرسلته لك في طرد بريدي بالبريد العاجل ! إلى اللقاء !
- بـــاي (ضحك وقبلات متوالية)

لم أفطن لما تسوقتُه إلا لحظة الأداء حيث وجدتُني مجددا وجها لوجه أمام صاحب السوبر ماركي: علب مصبرات سمك ولحم وعروق النخيل وأنناس وجلبان، وقطع جبن وعلبة شوكولاتة وحلويات، وزجاجتي خمر أحمر. نادى صاحب السور ماركي أحد العمال، وشوش في أذنه وها هو الخادم يعود بأربع زجاجات خمر من النوع الرفيع: ويسكي، باستيش، كريم العنب وبونش كاكاو. ضم الزجاجات الجديدة إلى سلعتي، وضع الجميع في كيس بلاستيكي سميك، سلمني البضاعة قائلا:
- والله لن تخرجنَّ مليما واحدا من جيبك. أنت الآن ضيف علينا، والدار تقدمُ عادة ءلضيوفها الأحباء مجانا مجموع ما يتسوقون.
- أوووووه ! شكرا ! شكرا !

خرجتُ متعثرا في خطوي، تمنيتُ لو تنشق الأرض وتبتلعني. ها هو إذن وجه من الحقيقة التي أخفتها عني العاهرة زوجتي؛ باستضافتها إياي للإقامة في منزلها مكَّنتِ المرأة المكتنزة من اتخاذ منزلي فضاء لمغامرة جنسية أخرى مع رب السوبر ماركي وربما مع رجال آخرين. لاشك أن العاهرة المكتنزة قد راودته أو راودها صبيحة جاء زوجها بإكليل الزهور وأصرت هي على الخروج شخصيا لشراء ما كان ينقصنا من زبدة وشوكولاطة وجبن. أوهمته اللعينة تماما بأنها أختي كما أوهمت مدير مدرستي من قبله! وقدمت له نعيمة باعتبارها زوجتي! والريفية بأنها خادمة بيتي ! ها هو شريط لا يقوى على إخراجه إلا مخرج هندي!
تصدقتُ بما حملته من السوبر ماركي على أول شحاذ. قلب الكيس تقليبا، ولما وضع يده على زجاجات الخمر علا صوته بنبرة شبه هستيرية جعلته مرمى لنظرات جميع المارة:
- أعطاك الله الخير والبركة والصحة والعافية والنجاح والنجاة ! كثر الله أمثالكم! لا زال المحسنون على وجه الأرض ! كثر الله أمثالكم ! .....
فعلتها بي بنات الزانيات، أنا الذي نكتُ طوابيرَ الحوريات ممن لا تساوي الأربع مجتمعات (المرأة المكتنزة، زوجتي الطليقة، نعيمة والريفية) أثر أقدامهن يفعلنها بي؟ ! ولكنني أنا الذي فعلتها بنفسي. أنا الذي وقعت في حب عجوز مكتنزة وسخة الفرج والإست، وتركتُ بنات الست عشرة سنة والأربع والعشرين ! صح المثلُ القائل: «عندما يشيخ الأسد تنيكه القردة !». والله إني لأسدٌ ناكته قردة ! أنا لم أحدث إطلاقا العجوزة السمينة بأمر الالتحاق بالبعثة في فرنسا، فكيف عرف صاجب السوبر ماركي هذا الأمر؟ ! لاشك أنها قالت له أشياء أخرى؛ ربما قالت له إني أخوها أبارك ذعارتها في منزلي! ربما قالت له إنني على علم بعلاقتها معه، ومن ثمة قد يكون على علم تام بأنني في منزل زوجتي الطليقة أقيم، وأن زعمي السابق كان طريقة لبقة في إبلاغه قبولي أن ينام في فراش نومي مع أختي المزعومة. ومن يدري؟ فقد يكون ناكهما معا: المكتنزة القدرة وزوجتي الطليقة، وربما الريفية أيضا، والعاهرة لم تخبرني إلا بعد أن لحقت بها في هذه اللعبة القذرة خسارة ما؟؟؟ ! ها أنا صرتٌُ قوادا في آخر حياتي! لأنظرنَّ الأمر بأم عيني لماذا توردت وجنتا صاحب السوبر ماركي عقب السلام؟؟؟ ! لماذا، بعد خروجي من السوبر ماركي، انقسمت شلة معارفي ممن صادفتُ إلى فريقين: فريق يبادلني التحية ببرودة وفريق ما أن أقول له إني التحقت ببعثة التعليم في فرنسا حتى يقول: «لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم»؟؟؟!! لاشك أن الأوائل يعتبرونني صرتُ قواد أخته وزوجته وشغالة بيته والأواخر يعتبرونني رجلا وقع في أحابيل النساء. ولكن لماذا لم يجرؤ أحد من هؤلاء على مصارحتي؟؟؟ !

اشتريت جلبابا وعصا ونظارتين وعمامة، حجزت غرفة في فندق، نزعت بذلتي، لبستُ لباسي الجديد، ثم خرجتُ قاصدا الحي، متظاهرا بأنني شحاذ أعمى، لم أجد أية صعوبة في لعب هذا الدور؛ كنت صاحب تجربة في المجال اكتسبتها من اضطهاد زوجتي الأولى إياي (لعنة الله عليها إلى يوم الدين):

ذات يوم كنتُ في خصومة شديدة معها، وصادف أن كان يوم الثلاثين من الشهر، أخرجت حوالتي كاملة من البنك، توجهت لإحدى الحانات لشرب ثلاث جعات أو أربع لا غير أبدد بها حزن الارتباط بتلك المرأة الشيطانية التي ما أنجحتها في الاختفاء وراء قناع ملاك إلا والدتي.

مضت الأربع كالبرق، فتلتها أربع وأربع وأربع وأربع أوصلنني إلى أرقى العلب الليلية في المدينة، أحاطت بي بنات وبنات، شربنا زجاجات وزجاجات، وكان المبيت مع حورية في فندق أربعة نجوم، لما أفقتُ وجدتُ في جيبي بضع أوراق من فئة 20 درهما لا غير.

عدتُ إلى الييت أغالب ثملي، كان حسن الحظ معي تلك المرة على ميعاد: استغنت عني ست البيت بأبيها الذي جاء في زيارة مفاجئة، لم تسألني عن غيابي ليلة أمس، انشغلت عني بأبيها كليا كما لو كان هو زوجها. ملأتُ حقيبة ببعض ملابس أبيها، زعمت أني ذاهب إلى الحمام، نزلت الشاطئ، لبستُ جلباب أبيها وعمامته، اشتريتُ عصا ونظارتين، انطلقتُ في مسيرة مقدسة من الشاطئ المقابل لإقامة الصباح في اتجاه سلا. ما وصلتُ القنطرة الفاصلة بين العدوتين حتى اجتمع لي مما تصدق به عليَّ المحسنون ربعُ حوالتي. في باب الخميس وجدتُ المعجزة في انتظاري: دعاني أحد الشحاذين للالتحاق بجمع متسولين كان قد اجتمع في بيت أحدهم ربِحَ ملياري سنتيم في اللوطو، وكان الرابحُ وَعدَ الله من قبل أنه إن يفز بالمبلغ المذكور يشتر أربعة عجول ويجزئها كاملة ويضعها في أكياس، وزن كل كيس كيلوغرام واحد، ثم يحمل الأكياس أقساطا أقساطا على الكتف في حقيبة محمولة في الظهر (sac à dos) ويتصدق بها على الفقراء، لكنه ما استلم المبلغ حتى استعظم أن يفي بالوعد، ففضل أن يجمع كل شحاذي مدينة سلا في مأدبة، ويخصص لهم جائزة احتفظ بقيمتها، وكان من حسن حظه أن لم يكن في المدينة ذاك اليوم سوى خمسين شحاذا.

أحضر لنا الثري من اللحوم والفواكه والمشروبات ما كاد يفجر بطوننا، ولما لعبت به الخمرة أمر الخدم برفع الحظر عن المشروبات الروحية فجاءتنا الخمور الرفيعة في عربات تلو عربات، وشربنا حتى مطلع الصبح، ولما حان أوان الانصراف نادانا رب الإقامة الفاخرة واحدا واحدا، وسلمنا جميعا ظرفا بريديا مختوما لكل واحد. للما فتحته وجدت فيه 3000 دولار، وكنا في المنزل حوالي 50 شحاذا لا غير. ألا نعم الأثرياء !

عدتٌ إلى المنزل بعربة ممتلئة عن آخرها باللحوم والخضر والفواكه، وهدايا لزوجتي وأبيها، بل وزجاجات خمور، فاتقيتُ شر السؤال عن سبب غيابي، تظاهرت الزوجة وأبوها بالسؤال، تظاهرتُ بالجواب: قلتُ إن نوبة قلبية داهتمتني في الحمام، فحملوني إلى قسم المستعجلات حيث تلقيت العلاج طيلة الليلة الماضية. تظاهرا بالتصديق والأسف، زعما أن جفنا لم يغمض لهما ليلة أمس وأنهما بحثا عني في جميع أقسام مستعجلات مصحات المدينة ومخافر الشرطة، إلى آخر معزوفتها الغائية المعروفة..

منذ ذلك اليوم تضاعفت أجرتي، فصرتُ ذا راتبين: واحد يأتيني من وزارة التعليم والآخر من مهنة الشحاذة؛ كل يوم أحد أزعم بأنني ذاهب في رحلة مدرسية، فيما أقوم في الواقع برحلة مقدسة من حي الفتح إلى باب الخميس بسلا. وكنتُ أوزع الراتب الثاني الذي يتأتى لي من الشحاذة على قسطين: واحد أسهر به في الحانات والثاني أشتري بيه حليا وملابس لزوجتي التي كانت تعرف جيدا راتبي بالنقطة والفاصلة ووجوه صرفه، ومع ذلك لم تسألني أبدا في أي يوم من الأيام عن مصدر الحلي والملابس. أما الخمرة، فكنتُ أزعم دائما أنني استضفتُ من لدن أصدقاء تكفلوا بأداء كل شيء عني مقابل أن أكون رفيقا لهم في السَّمر.
وصلتُ إلى المنزل المقابل مباشرة لمنزلي، والذي يقع في نهاية زقاق طوله حوالي 300 مترا، بهيأة أعمى وهن، جلستُ بمحاذاة الباب، أطرقت برأسي إلى الأرض، مددت يدي أشحذ المارة وغيرتُ نبرة صوتي بحيث صار مبحوحا تماما مثل أصوات شيوخ أجواق فرق موسيقى العيطة، تصدق علي كثيرون من المارة بقطع النقدية، ساق إلي سكان المنازل المجاورة أطباق أكل وقطع ملابس بالية، أمطرتُ الجميع بالدعوات الصالحة التي اجتمع لي علمُها من أيام رحلاتي المقدسة من حي الفتح بالرباط إلى باب الخميس بسلا.
مرت حوالي ساعتين أو ثلاث على جلوسي، خرجت المرأة البدينة مرفوقة بمدير مدرستي وقد أمسك بيدها، تبعتها نعيمة وهي ملتصقة بشيماء. امتطى الأربعة سيارة الكابريولي الحمراء بقيادة العجوز البدينة، أخذوا وجهة الحديقة العمومية، خمنت أنهم خرجوا في نزهة إلى حديقة التجارب، وأنهم تركوا الريفية في المنزل لتقوم بأشغال البيت. واصلتُ تربصي، مرت حوالي نصف ساعة، وصل إلى الباب شاب أنيق، طرق، ارتمت الريفية على وجهه، أغرقته بالقبلات، ثم أدخلته. ها هي إذن تخون نعيمة، ها هي ذات عاشق سرِّي. لا هي سحاقية ولا يحزنزن! رادوتني فكرة أن أخراج البذلة من حقيبتي اليدوية وارتدائها بسرعة البرق، ثم أجري إلى البيت لأضبط الإثنين متلبسين، استهجنتُ الفكرة؛ لو فعلتُ لانهال علي سكان الحي بالحجارة وربما ساقوني إلى مخفر الشرطة بدعوى أنني جاسوس أو تحت أية تهمة أخرى.

ما مرت حوالي نصف ساعة على انصراف الشاب الوسيم حتى جاء آخر، طرق الباب، خرجت الريفية، ارتمت على وجهه، أغرقته بالقبلات، ثم أدخلته. صدقت العاهرة، زوجتي، والله؛ صار بيتي ماخورا. اتجهتُ صوب باب منزلي، وجلست على بعد أمتار منه لأتبين ما يجري فيه عن كثب، ويا لهول ما أسمع: الموسيقى شغالة بشكل صاخب بحيث تُسمعُ الأغاني على بعد عدة أمتار من المنزل، كأن الريفية اللعينة تُسمعُ المارَّة والجيرانَ ما تسمعه. وماذا تسمع؟! أغاني فاطنة بنت الحسين وحجيب وخديجة البيضاوية إلى آخر ما تقرف له أذني لأنه يذكرني بزوجتي الأولى التي لم تكن تعشق سوى هذا اللون من الأغاني البدوية، بل أكثر من ذلك كانت كلما اختصمتُ معها شغلت هذه الأغاني نكاية فيَّ، وقامت ثم لفت معصمها بفولار وأخذت في الرقص على مرأى من عيني. ما كان ينقذني من جريمة قتلها المحقق سوى الهروب إلى الحانة التي ستنتهي - شكرا لله - بفضحها على يد السكير الذي حطم الرَّقم القياسي في افتضاض البنات. ليلتها شربتُ أنخاب الخلاص حتى مطصلع الصبح وأهديت كأسا كأسا لجميع رواد الحانة...

عم صمتٌ رهيب، لاشك أن هذا اللوطي يضاجع الريفية، بدد الصمت انطلاق الموسيقى الصاخبة من جديد. ماذا؟ ماذا أسمع؟! أغاني إنيغما التي أسمعتها للمرأة الغليظة آخر ليلة جمعتني معها في الفراش! والله لقد اكتمل البهاء! من أين لك يا بنيتي هذا الذوق؟! والله إننا لنعلم البعض فيحيِّرُنا بما يأتيه من زعم التفوق في ما علمناه وهو فيه أمِّي! لا شك أن البدينة القذرة هي التي أرشدتها إلى الأغاني مُكررة مثل ببغاء الدّروس التي لقنتها إياها حول موسيقى العصر الجديد وفرقة إنيغما وغريغوريان سادة الترانيم... لو كانت لي بندقية لدخلت للتو وأفرغتها في رأس الإثنين، يدنسان الجسد والفنَّ بعفونتها المقرفة.

ماذا أرى؟! يا سلام! ها هو موكب العاهرات واللوطيين قادم، رست الكابرليولي الحمراء أمام الباب، أول من خرج منها زعيمة العصابة، نزلت وهي تزهو فرحا ونشاطا، ما انتهت إلى أذنيها أغاني إنيغما حتى مالت بجسدها مرتين، ثم أمسكت بيد المدير الذي بادلها حركة أبدته بدويا حتى النخاع. والله إن هذا هو المنكر عينه! يرقص على أغنية «ذنبي Mea Culpa» بارتعاش من الكتفين كأنه يسمع أغنية من أغاني القصبة والدربكة للمغرب الشرقي. مالك والغناء والرقص يا شيخ؟ ! أحرى بك أن تلازم المسجد ليل نهار لما تقترفه من نفاق عساه يغفر لك! أطلقت المرأة المكتنزة إشارة يد وها هي نعيمة تنزل من خلف السيارة محاطة بشيماء ولوطي آخر أشقر الشعر متنكرا في زي النساء، بدت نعيمة وسطهما ببذلتها الرياضية مثل رجل مزهو بحظه بين النساء. انصرف المدير لأداء دور الحمال يُنزل ما في الصندوق الخلفي للسيارة مما تبضعته الجماعة، وخمنت أنه لحوم وخضر وفواكه وزجاجات خمر، فيما اتجهت المرأة المكتنزة نحوي ودسَّت في يدي قطعة نقدية لم أتردد في قبولها متظاهرا بالفرحة العارمة، أمطرتها علنا بأفضل الجعوات وسرا بأبشعها.

ما سمع اللوطيان صوتي الذكوري الأجش حتى هرولا نحوي متظاهرين بالالتحاق بالمرأة المكتنزة فيما كان قصدهما مراودتي؛ اقتربا مني أكثر مما كان ينبغي، صوَّبا نظرات شهوية في شأني، دنت الشقراء مني، سألتني:
- أتريد شغلا مضمون الراتب؟ !
- أطال الله عمرك يا سيدتي، أنا لا أقوى على العمل
- هو عمل بسيط ، لا يقتضي جهدا بدنيا، ثم إنه مليء بالبهجة والسرور
- أطال الله عمر سيدتي، أنا منع علي الطبيب منعا قاطعا مزاولة أي شغل؟
- ويلي (بصوت غنج)، أو منع عليك النوم مع زوجتك؟

أوصدتُ في وجه اللوطي باب الكلام؛ رنمت بصوت عال:
- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، باسم الله الرحمان الرحيم، قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق...

ثم واصلتُ ترتيل قسم مما حفظته من السور المقررة للتلاميذ، ما مرت لحظات حتى اجتمع أطفال من حولي يرافقون تلاوتي، غلبني الضحك، هششتُ عليهم بالعصا مثلما يهش الراعي على الأغنام، راقتهم اللعبة، انقلب المشهد إلى فرجة، خرج المديرُ من المنزل، صرخ في الأطفال:
- اخلوا ساحة هذا الرجل المسكين ! أما تستحيون؟ لعنة الله عليكم ! أهذا ما تعلمتم في المدرسة؟ !

تفرق الأطفال، تظاهرتُ بالرغبة في الانصراف، امسكني المدير من اليد، خطا معي حوالي خمسين مترا، حيث أخذتُ سيارة أجرة وعدتُ إلى الفندق. على امتداد الطريق التي رافقني فيها، أصمى المدير أذني بالتشكي من أطفال اليوم، وقال إن ترنمي أعجبه، وشفع زعمه بأن أحب شي إلى نفسه القرآن، بل ومضى بعيدا فتكرم علي بلقب «الفقيه»، وسجلت أنه لم يخرج مليما واحدا من جيبه للصدقة!

وصلت الفندق، اختليتُ في غرفتي، قضيت ليلة بيضاء أستعيد شريط اليوم...

في الصباح الباكر قصدت أول عيادة طبية خصوصية، اشتريتُ إجازة مرض لمدة أسبوع من طبيب حرصتُ في انتقائه على أن يكون جائعا حتى لا يرفض طلبي، أرسلت الوثيقة إلى المدرسة مع زميل لي في العمل، وما مضت ساعة حتى كنتُ على مقربة من بيتي جالسا بهيأة الأعمى الشحاذ الذي كنتُ إياه نهار أمس، بيد تلتقط الصدقات وعين مسمرة، من وراء النظارتين الشمسيتين، على باب المنزل. على الساعة الحادية عشرة بالضبط دبت الحركة في البيت، فتحت النوافذ وانطلقت موسيقى هادئة، بعدها بحوالي نصف ساعة خرج جمعٌ من البنات والرجال واللوطيين المتنكرين بهيأة نساء. ذُهلتُ. أين نام كل هؤلاء؟ ! بيتي لا يسع هذا العدد كاملا ! لا شك أنهم قضوا الليلة في السهر، ثم ناموا في فراش واحد. والله ما يكون حدث سوى هذا. لقد أقاموا أورجيا (orgie) ليلة أمست، تنايكوا جميعا. تذكرتُ أمنية البقرة المكتزة:
- اسمع يا حبيبي! أنت أعطيتني ما لم يعطنه رجل من قبل. ارتويتُ، ولكني متلهفة على تجربة واحدة: تمنيتُ جماع قطيع الثيران
- قطيع الثيران؟؟ !
- إيه، ألم يتحدث فاتسلايانا عن جماع قطيع البقر؟ !
- أووووه ! فهمتُ !
- أليس من حق المرأة أن تستوي مع الرجل في الرغبات وتمارس ما يمارسه على قدم المساواة؟
- بلـى (على مضض)....
- وإذن أعول عليك في اختيار ثلاثة أو أربعة من أجمل أصدقائك وننام في فراش واحد...
- اتركي لي وقتا للتفكير...

حان وقت انصراف السكان للعمل، وقفتُ ولأول مرة، منذ إقامتي في هذا الحي على التناغم القائم بين زوجات وأزواج العديد من جيراني المتزوجين: هذا يخرج من منزله وهو يمسك زوجته من اليد، ذاك يُركب زوجته وأبناءه في السيارة، وينطلق في بهجة ملحوظة. لمتُ نفسي. لو فعلتُ مثلهم لكنت أنعم الآن بالطمأنينة والأمان. والله ما أكون إلا سائبا أو قليل تربية ! أوَ يكونُ هذا الشاب حديث الزواج أعقل مني؟! ها هو يخرج من أحد الطوابق العلوية للعمارة يختال وزوجته الصغيرة، كأنهما ملاكان في السعادة يرفلان. لأتزوجنَّ حالما أجتاز هذه الملحمة الجديدة بسلام.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://aflcine.ahlamontada.com
 
امرأة من سلالة الشيطان ج 13
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
جمعية الاخوين لوميير للسينما :: أفضل الروايات :: امرأة من سلالة الشيطان-
انتقل الى: