نصائح المخرج البريطاني جون بورمان الى كل مخرج سينمائي شاب

Admin المساهمات : 608 تاريخ التسجيل : 23/11/2007

نستضيف في هذا المقال المخرج البريطاني الكبير جون بورمان الذي يوظف كل تجربته الطويلة في الاخراج السينمائي، بغية وضعها بين يدي المخرجين الشباب. ان قامة في حجم هذا الرجل لجديرة بأن نقطف من بساتينها فوانيس وفؤوسا نشق بها عتمة ليلنا السينمائي العربي الذي ينقصه التنظير القائم على متن صقلته تقاليد وتجارب ومرجعيات. ان من يرهف السمع الى قامات بهذه الرمزية والشساعة سيخلص بلا ريب الى جلد صحارى الفراغ الفكري التي تمتد على خارطة الهباء الثقافي ويلعن تنطعنا الذي ما عاد يجدي في مواجهة العصف الحضاري الذي يهب على خوائنا الرهيب. .
اكتب على ظاهر اليد:

السينما لغة سهلة للفهم، بيد أن الحديث عنها صعب.
الكاميرا واضحة، فيما العين تعمم. شارع لندني في يوم داكن من تشرين الثاني (نوفمبر): لن يكون بوسع العين أن ترى سوى اللون الرمادي ولو صورناه فلن نرى سوى باص أحمر. لا أحد يسعى إلى انجاز فيلم رديء. مع ذلك هذا ما يحدث في أغلب الأحيان لكن المشترك بين كل الأفلام الكبيرة هو: الحظ. . !
الجمال مغر، وبإمكانه أن يخدع مخرجا وذلك بتخفيفه من سرعة الفيلم. (اقتل ما تحب) أو كما قال لي مديري الأول في التصوير: (على رجل الكاميرا أن يكون حذرا. وقد يقدر بعد واحد جيد على تبديد رداءة فيلم ).

2. أنت محتاج الى سيناريو :

من الأحسن أن تكتب بنفسك السيناريو. بعد ذلك، بمقدورك أن تتعاون. عدم كتابته كلية معناه أن تجسد رؤية أحد آخر، وما الفائدة من أن تتلقى كل هذه التضحيات والمهانات والاهانات في سبيل الأقل؟

3. كتابة السيناريو:

تجنب هؤلاء الشيوخ الضارين في السيناريو. . سيقولون لك بأن تقسم السيناريو الذي كتبته الى ثلاثة أجزاء-انس ذلك. انه قد يليق بالمسرح. قسمه الى عشرة أجزاء بوشائع 10دقائق. . نظم كل وشيعة وتأكد من أنك ستحصل على مشهد خارق في كل واحدة. لا تنجز سيناريو جيدا جدا. فبقدر ما يكون السيناريو سينمائيا، بقدر ما يصير صعبا للقراءة. من الواجب أن يكتب السيناريو من أجل المنتجين والممولين الذين هم في الغالب أميون بصريا. اذن لا تظهر لهم التقطيع. سيموتون من الخوف لو فعلت ذلك. حرر السيناريو (الذي كتبته-المترجم). سجل مدته وأنت تتابع كل مشهد. لو كان طويلا جدا، أعد كتابته. انه من السهل أكثر و اختصاره - مقارنة الى فيلم مطول بشكل مبالغ فيه- أقل تكلفة. إذا كان مونتاج-ك- الأول يبلغ 4 ساعات معنى ذلك أن 50 في المئة مما صورته، لا يصلح سوى للقمامة. إذا كنت قد حررته جيدا لأمكنك تصويره مرتين. .
عندما أقود مخرجا في أول فيلم فإني أجبره على رسم الفيلم كله. هذا يمكنه من أن يراه بالصور. تقطيع المشاهد يعلمه كم من أبعاد هو محتاج اليها. حتما سيكون لديه أكثر من بعد. إذن عليه مستقبلا أن يحضر نسخة ثانية لينقص العدد من أجل مشروع واقعي. يتضمن فيلم مطول في المتوسط ما بين 8 و 12 بعدا في اليوم الواحد. والسينما هي فن الممكن.

4. طيب. لديك سيناريو..:

لم تنل أغلب السيناريوهات حقها في التصوير. والأغلب منها، لا يستحق ذلك. لكن بعضها بالعكس لديه القيمة. . ومع ذلك لا يتم تصويره. نبعث بها الى مديري أعمال السينما و المنتجين الى الاستوديوهات و المشاهير لكن لا أحد منهم يقرأها. لا تصور الأستوديوهات الهوليوودية سوى واحد على عشرين سيناريو تطلبه وتؤدي ثمنه. اذن لماذا نضيع وقتنا في القبح. . ؟ لأن الأفلام مصنوعة- من لدننا- مما تحت شعورنا ومن أحلامنا، ولا نستطيع دفعها. علينا أن نفعل ذلك أو نحاوله على الأقل. لقد ضيعني أن أكون مخرجا، ونذرت روحي وجسدي لهذا العمل بغض النظر عن الباقي الذي تجنبته حتى أرضي إلحاحاتي المتعطشة ولا أتمنى تغيير شيء من ذلك.
بمعجزة، حصلت على الدعم الضروري والضوء الأخضر من أجل السيناريو الذي وضعته. فاذن.....
الاستعداد ضروري: فلتستعد بالقدر الذي تستطيعه. هذا يساوي أقل من التصوير. احسب خلال الكشوف الزمن الذي ستضيعه في السفر من مكان إلى آخر. وجد لك أماكن متقاربة من بعضها (أو شبيهة ببعضها /المترجم). فعندما تغير المكان لا تستطيع التصوير.

4. على حلبة التمثيل:

ضع لائحة للأبعادالخاصة بكل يوم وقدمها لمدير التصوير وللمساعد الأول. فكل واحد يعرف بالتالي ما يفعله ويستطيع إعداد عمله. ستجابه وابلا من المشاكل التي تتطلب قرارات سريعة. في البداية عليك إقناع الممثلين والتقنيين بأنك تعرف أين تتجه، وأن تكون صارما. من الأحسن أن تتخذ قرارا سيئا على أن لا تتخذ أي قرار. الحيوية هي كل شيء. تستطيع بعد النجاحات فقط أن تسمح لنفسك بتغيير الرأي أو قبول الشكوك.
(كيف تعرف أين توضع الكاميرا؟) سأل مانديس كونراد مدير التصوير فأجابه: (أصوبها فوق الحكاية). إذا كنت محتاجا أن تطلب من مدير التصوير فوق أي شيء تصوب الكاميرا فانك لست مخرجا. عملك بين أعمال أخرى هو اختيار البؤر وإدراك التركيب وتحديد حركة الآلة، أما عمل مدير التصوير فهو وضع اختياراتك على مستوى التطبيق.
إذا مر المشهد عندما تكون بصدد تدريب الممثلين على مراجعة أدوارهم، فان اختيار وضعية الكاميرا يأتي من تلقاء ذاتها. لكن، إذا حدث شيء ما فان هنالك عطبا ما في المشهد (يجب اصلاحه/المترجم ).
من وجهة نظر تقليدية فان الكاميرا لا يجب عليها أن تتحرك الا لملاحقة الحركة(الآكشن). وكاميرات اليوم تزحف. . مثل متلصص مهتاج. عليها أن تخفي حضورها و أن لا تثير الانتباه. في كل المساءات، قبل النوم راجع الفيلم كله في ذهنك، بمشاهدة المشاهد التي صورتها، وتلك التي ما زالت تنتظر التصوير.

5. الممثلون:

كل الممثلين عميان. انهم لا يرون ما يفعلون. عليك أنت أن ترى عوضا عنهم. المراجعة عن طريق الفيديو هي وسيلة جيدة لكن على الممثلين أن لا يروه، ماداموا مجبرين على التمثيل بدونه.
اذا كان المشهد واضحا في دماغك بامكانك حذف الأبعاد التي لا قيمة لها من التصوير. وعندما يصور المخرجون حشودا من الأبعاد (في وضعيات مختلفة/المترجم) فان الممثلين يميلون إلى القول: (لربما، هذا لن يكون في الفيلم) فيفقدون بالتالي تركيزهم. استعد كي يقدم الممثلون كل شيء في أول لحظة تصوير عوض استعمال خمس مرات كتداريب إعادة. فإذا اعتقدوا أن كل ما تصوره سيكون في الفيلم سيثابرون ويوفرون طاقتهم قبل أن تقول مباشرة Sad

آكشن!). من الأحسن أن تمسد على رأس الممثل كي تعرف هل تقوس أم لا حتى يقول لنفسه: (يرى سيدي كل شيء وأنا في أمان بين يديه). أما إذا لم يتقوس رأسه - وهذا ربما ما يثير الأعصاب في السينما حقا- سيساعدك رجل كاميرا جيد. اذا كان انكليزيا سيفعل ذلك بشكل مرموز قائلا: (صوب شعر الرأس قليلا أيها الرئيس!).
إن حضور ممثل لا يعني أبدا سوى ذلك انه حاضر كلية ولا جزء منه في الخارج والقلائل فقط هم من يوفقون في ذلك-وكل كبار نجوم السينما يفعلون نفس الشيء، عليك أن تكسب أولا ثقة الممثل اذا أردت أن يرتمي من أعلى الحافة أو يفتح قلبه، والمسافة التي تفصل بين ممثلين وحيدين في الاطار تشير الى درجة الحميمية بينهما أو البعد العاطفي بينهما.

6. تقنية:

جرد المشهد من كل ما هو غير أساسي أو مقصدي. وعندما يصل الجمهور الى فهم أنه في كل تأطير كل شيء اعتباطي بطريقة تحت شعورية، فانك تقبض عليه ويحس المتفرجون بقوتك (انظر أي فيلم لـ:كيبريك'').

قدر:

تستطيع الكاميرا أن تقدم وجهة نظر البطل أو نظرة الله- انها ترى كل شيء تحت كل الزوايا -. اختر وابق في اختيارك. . وقتئذسيتابعك الجمهور!

الرخاوة قاتلة

تستطيع تصوير مشهد في بعد واحد معقد أو تقطيعه الى أبعاد متعددة تتطابق مع المونتاج. اطرح السؤال التالي: (أية طريقة ستقبض على المشاعر وستحكي الحكاية بصورة أكثر فعالية؟. . ). أكثر من زوايا التصوير؛ وحتى تحمي نفسك عدد من الزوايا انه شيء جيد بالنسبة للمخرجين الذين لم يقرروا المونتاج، ويفكرون في القدرة على حل المشكل في قاعة المونتاج. . المخرجون الذين يتبجحون بتصوير عشرين الى أربعة أبعاد في اليوم الواحد، يسرقون من الممثلين وقتهم ولا يتركون لهم ما يكفي لاشاعة الضوء. الضوء لا يمكن تجاوزه.
استعمل الأبعاد الكبيرة- لكن بشكل شحيح -لابراز شعور ما، فالاستعمال المفرط يقلل من الفوائد. لا تستعمل بعدا كبيرا للعينين. نقرأ الشعور من خلال علاقة العينين بمجموع الوجه. ان قطعة ما عليها أن تحمل معنى أو تنجح في الاخفاء. اذا لم تفعل لا هذا ولا ذاك فانها فاشلة.

السر:
عندما أدرس لدي نسخة من لوحة لـ: (ماكريت''') تجسد غليونا تحته كتب Sad

هذا ليس غليونا!). من العبث مطاردة الواقع، السينما ليست هي الحياة. السينما استعارة.
السينما- في أعلى نجاح تحققه - قريبة من حالة الحلم. انها مرتبطة باللاشعور تماما كما هو الأمر بالنسبة الى الحلم. هيتشكوك قام بتحريك ثقيل للكاميرا قبل أن يتجه نحو باب مغلق أو يصعد الدرج الشيء الذي يجعلنا نحس بالخوف.
الخيمياء. تحتل السينما الشيء المادي (الممثلين، الديكورات المشاهد الطبيعية، عدة التصوير. . ) وتحوله الى ضوء. انك تبذر كل هذه الملايين وفي نهاية النهار ليس لديك أي شيء آخر سوى الضوء الذي يترنح فوق جدار.

ترجمة: مصطفى بدوي