السمفونية المغربية الاحتفاء بالتقنيات على حساب الرسالة والمو

Admin المساهمات : 608 تاريخ التسجيل : 23/11/2007

يعتبر المخرج المغربي " كمال كمال" من المخرجين الجدد في الساحة السينمائية المغربية، وهو ممن يحملون تصورا معينا في الاخراج ومفهوم العمل الفني، بشكل يغاير السائد على مستوى الانتاج..

اتضح ذلك خصوصا منذ عمله السينمائي الطويل الاول " طيف نزار"، والذي كان

من الافلام المغربية الاولى التي راهنت على توظيف اللغة العربية الفصحى بدل الدارجة المحلية، التي غالبا ما يرى فيها نقاد السينما وجمهورها في دول المشرق العربي ومصر عائقا يحول دون التواصل والفهم، محاولا عبر نفس الفيلم التطرق

لموضوع سياسي عالجته أفلام مغربية كثيرة، ألا وهو موضوع ما يسمى في المغرب بسنوات الرصاص، أي مرحلة السبعينيات الموسومة بالتضييق على الحريات العامة بشكل مخيف، مع ما واكب ذلك من حملات اعتقال وتعذيب ، قامت الدولة مؤخرا بالتكفير عن ذنبها بصددها، من خلال احداث مصالحة وانصاف، ردت الاعتبار لجل الذين اكتووا بلهيبها في سنوات مضت..

وبعد فيلم " طيف نزار" ، عاد كمال كمال من جديد لأدارة الكاميرا في فيلم " السمفونية المغربية" ، وهو الفيلم الذي تفاوتت ردود الفعل النقدية بصدده، مابين مرحب بالفيلم وبين منتقد له بشكل عنيف..

الفيلم يحكي قصة فنانين يعيشون على هامش المجتمع، بعضهم له سوابق ايجابية، وبعضهم الاخر من خريجي السجون، مع ممارسة بعضهم للسرقة والصعلكة بل والدعارة من أجل العيش في شبه مزبلة للمتلاشيات..

هؤلاء كان لهم دائما حلم انجاز سمفونية مغربية، والحلم بأدائها على مسارح انجلترا الراقية،وهو الامر الذي اضطر كاتب السيناريو للزج بمواقف وكليشيهات جاهزة، خلقت في العمق ضبابية مكثفة، جعلت الأحداث تنتمي لعوالم اليوتوبيا الحالمة أكثر مما هي مرتبطة بالواقع المعاش،لينتهي البحث الدؤوب عن تحقيق الأمنية نهاية سعيدة وبليدة في نفس الوقت، خاصة وأن السمفونية ستؤدى في مزبلة المتلاشيات

التي اجتهد واضعو الديكور كثيرا من أجل تلميعها..

وبما أن لكل فيلم نقطا ايجابية وأخرى سلبية، فإن الموضوعية تلزم بالاعتراف بجمالية الفيلم على مستوى الصورة والديكور وانسياب الايقاع بفعل سلاسة المونتاج

مع إدارة جيدة للممثلين الذين أبانوا عن طاقات مهمة، خاصة الممثل يونس ميكريوماجدولين الادريسي التي قامت بدور جريء يخالف تماما الدور الدرامي الذي لعبته

في فيلم سعيد الناصري " البانضية"، بالاضافة طبعا لرفيق بوبكر و عبد الله العمراني وجل المساهمين في ادوار الفيلم…

ومن النقط القوية كذلك في هذا الفيلم، اعتماد موسيقى تصويرية تليق بروح العمل السينمائي ككل، سيما وأن المخرج له اهتمامات فنية موسيقية قبل ولوجه لمجال الاخراج السينمائي، بل يكفي التذكير بأنه هو واضع نوتات السمفونية الاصلي..

اجمالا، نجح الفيلم بشكل ملفت على مستوى التقنيات السينمائية الموظفة، لكن مناقشة قصة وسيناريو الفيلم على مستوى نوعية الرسالة الفنية التي يحملها، ربما تفضي الى الاعتراف كذلك بوجود نقائص كثيرة جدا، اهمها إقحام دور الفتاة اليهودية في الفيلم

وتمييع الوضع الاجتماعي للفنانين الموسيقيين المهمشين، الذين صورهم كمال كمال

كمجرد كسالى، لصوص، قذرين، يستحبون العيش في فوضى عارمة، وسط الفئران وكل ما يبعث على التقزز، وهي صورة مبالغ فيها، تجعلنا نتساءل في نهاية المطاف هل الفيلم يحتفي بالفنان المغربي ام يقوم بتلطيخ صورته؟

محمد بلوش

السمفونية المغربية الاحتفاء بالتقنيات على حساب الرسالة والمو N1192410

السمفونية المغربية الاحتفاء بالتقنيات على حساب الرسالة والمو N1192410