المساهمات : 183 تاريخ التسجيل : 25/11/2007 العمر : 58
موضوع: مهرجان مراكش في دفاتر السينما الخميس نوفمبر 26, 2009 2:21 pm
خصصت مجلة CAHIERS DU CINEMA تغطية من نوع خاص للدورة الثامنة لمهرجان مراكش، فقد لاحظ المراسل أن:
1- وقت المهرجان غير ملائم، لأنه يأتي في آخر السنة.
2- برمجة نظرة على السينما الإيطالية في الدورة السابقة لا داعي لها.
3- الإنجاز الوحيد للدورة السابعة هو إعداد قاعة عرض خارج قصر المؤتمرات.
4- الاهتمام بالسينما الإنجليزية في الدورة الثامنة أمر غير جيد، كتب "on le voit mal"
5- المهرجان مصطنع، بخلاف مهرجان دبي السينمائي.
وفي نفس المقال اعترف الصحفي Antoine Thirion الذي حضر الدورة الثامنة، أن الصحافة الفرنسية تعامل في المهرجان بتشنج وانقباض بخلاف باقي الصحافة الدولية، وهو لم يلاحظ أنه ركز على كل شيء غير الأفلام، وحرص على تقديم دروس مختلفة، والصحيح هو أن:
1- المهرجان مناسبة للتفاعل والتعلم، وفي أي وقت جاء سيسمح للسينمائيين المغاربة برفع مستوى إبداعهم، والمثال الأفضل هو تكوين مارتن سكورسيزي لمخرجين مغاربة شباب، منهم بشرى إيجورك.
2- السينما الإيطالية مدرسة للتعلم، مع بازوليني وفيليني وناني موريتي...
3- تثمين تجهيز قاعة إسمنتية معناه أن المهرجان بلا إضافة فنية، وكأن الأفلام المعروضة بلا قيمة.
4- السينما الإنجليزية صامدة رغم أنها تتحرك في معطف السينما الأمريكية، للإشارة، من لندن خرج هتشكوك الذي تحقق أفلامه أرباحا تبلغ أربعة أضعاف كلفتها. ولو برمج المهرجان أفلاما فرنسية، تهيمن عليها الثرثرة لا الحدث، لأعتبر الصحفي الأمر جيدا بل رائعا.
5- المهرجان مصطنع بدعوى أن المغرب لا ينتج إلا أفلاما قليلة، وبالتالي لا داعي للمهرجان، بينما مهرجان دبي مستنبت في تربة سينمائية وأفلام الإمارات تعرض في مهرجان برلين والبندقية؟؟؟
يطرح هذا التمرين الإعلامي، مسألة تغطية الأنشطة الثقافية في وسائل الإعلام، حتى حين تكون المنابر الإعلامية عريقة واحترافية. ففي باقي المقالات التي شملها العدد 641 من مجلة دفاتر السينما، لم يتطرق الكتاب لزمن التنظيم وجدران القاعة والبرمجة، بل حللوا وناقشوا الأفلام المعروضة، ففي ص 46، يتحدث الصحفي عن مهرجان في دورته الثانية فقط ينظم في أواخر نونبر، لا يفصله إلا أسبوع عن مهرجان مراكش، ومع ذلك لا ينتقد النشأة والتوقيت... وقد تمت عنونة المقالات بالتعليق عن الأفلام، اما في مقال الفرنسي الذي أكل وشرب في مراكش، فقد كان العنوان هو "وعود مغربية"، أي انه يعلق على المنظمين، ويعتبر وعودهم غير صادقة، فهي مروكية.
بغض النظر عن الاستعلاء والتسميم الذي ينضح من المقال، يطرح التساؤل:
كيف يمكن للفنانين المغاربة أن يستفيدوا من المهرجانات بغض النظر عن حسابات المنظمين والإعلاميين؟
قد عشت تجربة حية في مهرجان الفيلم الوثائقي بآكادير، والذي امتد من 10 نونبر إلى 14 منه، والذي عرف مشاكل تنظيمية بعضها ذاتي وبعضها مفتعل خارجيا، وهو يعكس صراع المواقع بين مصالح مختلفة، وهذا طبيعي في بيئة ثقافية غير شفافة، لكن الذي يعنيني أنا هو الإبداع في حد ذاته...
لقد كانت الأفلام المشاركة في المهرجان قوية جدا، وهي كذلك سواء حضر الوالي أو غاب، سواء احتالت مديرة المهرجان أو لا، سواء كان هناك رعاية سامية أو لا، سواء حضر وزير الاتصال أو قاطع... سواء جاءت الدوزيم أم جلس مراسلها في المقهى بالباطوار وبدأ بسوء نية يتهم من لم يقاطع بالحصول على الأظرفة الصفراء... وقديما قال المتنبي من ساء فعله ساءت نيته.
بعيدا عن تمجيد المهرجانات او شتمها بناء على حسابات خاصة، يجب على المهتمين بالإبداع السينمائي أن يرفعوا سقف تحليلهم ليتجاوز الانطباعات العامية السطحية، ليظهر لهم الأفق واضحا، لأن من يقود دراجة ولا ينظر إلا إلى العجلة سيسقط، لذا يجب عليه أن ينظر بعيدا...
ماذا يظهر لنا في الأفق؟ (إجابتي هي أيضا توضيح لخطي التحريري).
1- نحن في عصر الصورة، والذين يشاركون في الفايسبوك اليوم أكثر من كل البشر الذين تعلموا الأبجدية.
2- الصورة إبداع صعب جدا جدا، يتطلب ثقافة وصبر وتدريب، وبدون تعامل مع الأجانب، والغرب تحديدا، لن نتقن شيئا، ولا جدوى من إسقاط عدائنا للسياسة الغربية على الفن.
3- إذا لم يعجبنا مدير مهرجان ما لشخصه، ليس ذلك سببا لعدم مشاهدة الأفلام للتعلم.
4- المخرجون السينمائيون الحقيقيون هم فلاسفة العصر، ومن يقرأ حوارات سكورسيزي أو ترانتينو أو سبيلبرغ أودافيد فينشر Fincher سيذهله اتساع الأفق المعرفي ووضوح رحلة الأفكار وهي تعبر الزمن والمكان... لتكشف حقيقة الإنسان وتنوع تجاربه...
5- دون هذا، لن يتطور الإبداع المغربي، وفي كل رمضان سنردد نفس النقد للتسطيح والتفاهة، دون أن نملك الطاقة الإبداعية لطرح البديل.
6- دون هذا، ستتأسس قنوات وتلفزات في المغرب، دون أن تجد إنتاجا وطنيا من مستوى عال، يعبر عن القيم الوطنية وينفتح على الكونية... وحين لن تجده ستعرض الإنتاج المستورد، المكلف، والذي لا يربي الأجيال.
7- من الصعب شد اهتمام شباب اليوم للكتاب، لنتبعهم في اهتماماتهم، لنقدم لهم ما يلائم، في هذه الباب أحيي كل من بادر بتأسيس نادي سينمائي في المؤسسات التعليمية، وقد شرعت في تأطير ناد بالثانوية التي أعمل بها، وبادر يوسف كرمي إلى تنظيم النوادي في مراكش. انظر www.cinema.alfawanis.com
8- ففي المغرب كل الأمل، والغريب أن هذا ما يراه مغاربة المهجر بينما لا يراه إلا القليل ممن يقيمون هنا، وهم يتصيدون كل نقد غربي ليدعموا به يأسهم.
9- لنبادر، لنشعل شمعة بدل لعن الظلام.
10- رغم استهجاني لسلوك الذين يسحقون الطبقة الوسطى ويتملقون جرائد الغرب، رغم سخريتي من مقالب فؤاد عالي الهمة في البرلمان فأنا أجد الشيخ بيد الله أفضل من خليهن ولد الرشيد الذي يضع القبيلة في جيبه، رغم أن نقد المهرجانات دون حضورها صار عادة، سأحضر وسأشاهد وسأعود لأحكي لتلامذتي والكاميرا في يدي...
فأنا متفائل. وأستعد لرش قطبان الشواء بالكامون...
لن يمنع دخان الشحم الكاميرا من تصوير فرح ابنتي وهي تدور حول المجمر...