هناك ثلاثة مدارس رئيسية في التمثيل . الأولي هي المدرسة الكلاسيكية , والتي يطلق عليها أحياناً المدرسة الفرنسية , أو القديمة . وتعتمد هذه المدرسة بشكل مطلق علي قدرات الممثل الذي يقرر بنفسه الطريقة المناسبة في الأداء والتي تتطابق مع السلوك المتوقع من الشخصية , ولا تعترف بأي دافع ,أو محرك من خارج المشهد . ومن هذه المدرسة الممثل الإنجليزي العالمي لورانس أوليفييه .
وعلي طرف النقيض من هذه الطريقة , نجد المدرسة الأسلوبية في الأداء, ويعتمد فيها الممثل علي نفسه كمصدر أساسي , أكثر من السيناريو ذاته . فبدلاً من "تقليد" الشخصية الخيالية الموجودة في السيناريو , يقوم الممثل بالبحث عن مشاعر مشابهة داخله , ثم التصرف (التمثيل) علي أساسها ليتحول هو نفسه إلي الشخصية . ومن أنصار هذه الطريقة مارلون براندو , آل باتشينو .
وهناك واقعة شهيرة توضح الفارق بين هاتين المدرستين في الأداء . فأثناء تصوير فيلم "العداء" The Marathon Man كان الممثل داستين هوفمان الذي يضطلع بدور البطولة , والذي ينتمي إلي المدرسة الأسلوبية في الأداء , يقوم بممارسة بعض الطقوس التي تساعده علي الدخول إلي الشخصية . وفي أثناء تصوير أحد المشاهد كان هوفمان يجري حول موقع التصوير قبل كل لقطة , وكان الممثل لورانس أوليفييه الذي يشترك معه في البطولة يراقب ما يحدث , وفجأة وجه حديثه إلي هوفمان قائلاً "هل جربت أن تمثل يا بني بدلاً من هذا الذي تفعله؟ " .
هذه الحكاية الطريفة تجرنا إلي بعض التحفظات حول المدرسة الأسلوبية , فهناك بعض النقاد الذين يرون أن هذا الأسلوب يأخذ الممثل بعيداً عن الموضوع الأصلي , وتضفي نزعة عاطفية أكثر مما ينبغي علي أداء الممثل . ولهذا ظهرت طريقة ثالثة تتوسط الطريق بين المدرستين , وتعتمد علي الأسلوبية أيضاً , ولكن بتوسيع مفهومها لخلق نوع من التوازن .
وقد اتبع المخرجون نفس خط التطور بالنسبة للمدارس التمثيلية , فبينما نجد مخرجون كلاسيكيون مثل هيتشكوك لا يعتقدون في الدافع الداخلي المحرك للممثل , نجد مخرجين آخرين مثل إليا كازان , وجون كازافيتيس يعتنقون المدرسة الأسلوبية . أما الأجيال الأحدث من أمثال سبيلبرج فتستخدم أسلوباً يوازن بين الممثل واحتياجات السيناريو .