الممثلة المغربية منى فتو: واقعنا السياسي في تغير مستمر
كاتب الموضوع
رسالة
Admin Admin
المساهمات : 608 تاريخ التسجيل : 23/11/2007
موضوع: الممثلة المغربية منى فتو: واقعنا السياسي في تغير مستمر الجمعة أبريل 18, 2008 3:45 pm
منى فتو من الفنانات المغربيات اللواتي أثبتن مكانتهن في السينما المغربية الناشئة. جاءت من المسرح لتفرض نفسها وتحظى بإعجاب جمهور ونقاد الفن السابع. فازت بعدة جوائز سينمائية عن أدائها الجيد في مهرجانات محلية ودولية (مهرجان جنوب إفريقيا للسينما ومهرجان السينما العربية بالبحرين...) في هذا الحوار الطويل تفتح الفنانة منى فتو قلبها وتتحدث عن تجربتها الفنية والإنسانية وعن السياسة.
بدأت بدايتك فنية مع عالم المسرح، هل كان لمراحل الطفولة إرهاصات فنية؟ ولدت وعشت في مدينة الرباط، وإبان مرحلة الدراسة كنت أنشط حفلات آخر السنة وكان أستاذي آنذاك (محمد العلوي) أول من اقترح علي أن نهيئ نحن الأطفال حفلا صغيرا بمناسبة نهاية السنة الدراسية. أثناء التداريب طلب مني أن أردد جملة وعندما سمعني انتابه شعور بالسعادة. أتذكر أن عينيه كانتا تتحدثان نيابة عن لسانه أنه اكتشف فنانة. إعجابه هذا هو من زرع فيّ حب الفن وعشقه. قبل ذلك لم تكن الصورة عن الفن واضحة أمامي. في مرحلة الثانوية كنت مثابرة على المشاركة في حفلات آخر السنة، في تلك المرحلة كانت مجيدة كيران تمارس الأنشطة الفنية معنا فاقترحت علي أن أنضم لفرقة عباس إبراهيم بمسرح محمد الخامس لأنها كانت صديقة عباس إبراهيم. آنذاك كنت أتلقى دروس الرقص مع ماجدة كيران. رحبت بفكرة الانضمام للفرقة، لأنني منذ نعومة أظافري كنت منبهرة بعالم السينما والفن. كنت منبهرة بعالم التلفزيون والأضواء. عام 1988 التحقت بالفرقة وطلب مني عباس إبراهيم أن ألتحق بالقسم كمستمعة، في السنة الأولى لمس في هذا المسرحي الرغبة والإرادة لتعلم المسرح لأنني كنت مواظبة. ومن حسن الحظ بالنسبة لي وسوء الحظ بالنسبة لممثلة اسمها رجاء المهدي أن هذه الأخيرة وأثناء تدريبات على عرض مسرحي أصيبت بكسر، فاقترح علي عباس أن ألعب الدور وكانت هذه أول مسرحية أمثلها. واكتشفت فعلا أن هذا الاتجاه هو ما أرغب فيه.
مَن من الممثلين والممثلات كان معك في تلك الفترة؟ كان معي في نفس الفوج الممثلون:محمد خيي والجيراري ورشيد الوالي....، مع الأسف العنصر النسوي كان قليلا ولم تستطع حتى هذه القلة الاستمرار في التمثيل.
التحاق فتاة بعالم الفن حتى هذه الفترة مازال غير مرغوب فيه من قبل عائلات كثيرة، فمابالك في النصف الثاني من الثمانينات، كيف تقبلت عائلتك مسيرتك الفنية؟ كان والدي مصرين على إتمام دراستي، وكانا على علم بما أقوم به من أنشطة، بعد أن علموا بأنني انخرطت في تكوين مسرحي لم يرق لهما هذا الاختيار. كانا يظنان أن الأمر مجرد نزوة عابرة. بعد بداية جولاتي المسرحية وأنا بنت السابعة عشر ربيعا كان الأمر صعب بالنسبة لوالدي. وحدث أن غير فيلم"حب في الدار البيضاء" مجرى حياتي. كان الفيلم قد صور عام 1989 وعدت لإتمام المحترف بعد الانتهاء من التصوير.
كيف تمت عملية اختيارك للدور؟ كان المخرج عبد القادر القطع يبحث عن ممثلة لدور البطولة، فأشار عليه محمد زهير الذي لعب دور البطولة بتنظيم الكاستين بمسرح محمد الخامس بالرباط. فتقدمت مجموعة من الأسماء من المعهد العالي للفن المسرحي ومن المحترف الذي تحدثت عنه ووقع علي الاختيار. كان آنذاك لابد من موافقة الأب ما دمت قاصرا، فبعد قراءة السيناريو أعجب أبي بالدور المنوط لي. وكانت الرخصة الحقيقية للمرور إلى عالم المسرح هي فوزي بجائزة أحسن ممثلة في المهرجان الوطني الثالث للسينما بمدينة مكناس عام 1991. فاقتنع أبواي أن التمثيل هو اختياري. مثلت في مسرحيات كثيرة بعد هذا الفيلم مع مخرجين مغاربة وعرب(فوزي بنسعيدي-الطيب الصديقي-عبد الصمد دينيا- العراقي عبد الله أمين -عبد الواحد عوزري)
في مغرب لا يعرف إنتاجا سينمائيا كبيرا كيف تختار الفنانة منى فتو سيناريو الأفلام إن كانت فعلا تختار هذه السيناريوهات؟ هذا سؤال مهم، بداية مشواري كانت مع فيلم سينمائي. لم أكن أعلم أن الفيلم سيعرف نجاحا. المقياس الوحيد الذي اعتمدت عليه هو السيناريو. قرأت السيناريو وأعجبت بجرأة فكرة الفيلم والدور الذي سأجسده. كان الفيلم سبب وصولي للجمهور بشكل أو بآخر. بعد ذلك الفيلم اشتغلت في فيلم آخر كان له دور كبير في تصالح الجمهور مع القاعات السينمائية وهو فيلم "البحث عن زوج امرأتي". نجاح هذا الفيلم فرض علي أن أختار سيناريوهات الأفلام بعناية. لهذا كان من المفروض علي أن أختار وفي أجواء سينمائية لا تسمح لك بالاختيار. كان يمكنني أن أشتغل في السينما أكثر مما اشتغلت لحد الآن
وأعتبر ما أقوم به في السينما غير كافي. أمثل بمعدل شريط كل ثلاث سنوات وهو ما أعتبر قليلا جدا. لحسن الحظ أشتغل في المسرح.
هل يمكن الاختيار في أجواء سينمائية وإبداعية تتسم بقلة الإنتاج؟ هناك بعض الفنانين بإمكانهم الاختيار. هذا وأتفهم وضعية الفنانين الذين يعيلون عائلاتهم وهناك جانب نفسي على قدر كبير من الأهمية وهو إحساس الفنان أنه لا يشتغل.
فزت بأحسن ممثلة في الدورة الثالثة للمهرجان السينمائي بمكناس عام 1991 ومازلت تمثلين هذا هو واقع الحال، على الرغم من أننا في المغرب وصلنا معدل عشرة إلى إثني عشرة شريط سينمائي في السنة. كما سبق وأكدت فأنا أختار الأفلام التي يجب أن أؤدي فيها أدواري وفق شروط معينة، ثم جدت ظروف أخرى تتعلق بزواجي بالمخرج سعد الشرايبي وكثير من المخرجين ظنوا أن زواجي بهذا المخرج يعني نهاية الاشتغال مع مخرجين آخرين، وهذا خطأ.
لم يفرض عليك زوجك الاشتغال مع غيره؟ أتحدى أي مخرج طلب مني الاشتغال معه وأبيت. بعد هذه الفترة جاءت فترة الحمل عام 1999. واشتغلت العام الماضي في فيلم من إخراج مصطفى الدرقاوي. ولو أنه دور صغير ولكنه رسالة تؤكد أن منى يمكن أن تشتغل مع مخرجين آخرين. وجاء فيلم عطش وحاليا هناك مشاريع جديدة.
حدث لك تغيير اجتماعي نفسي وأصبحت نجمة سينمائية، كيف تعاملت مع هذا التغيير؟ تلقيت هذا التحول بكل برودة، أظن عدو الفنان هو الغرور. هو وهم أنه حقق طموحه ومبتغاه. من جانبي حافظت على تواضعي ولم أغتر يوما.
يعرف المغرب حركة مسرحية وهذا ينسجم وحبك للمسرح كيف استفدت من هذه الحركة؟ استفدت من الحركة التي يعرفها المسرح، وأنا أشتغل لمدة ثلاث سنوات مع الفنانة القديرة ثريا جبران في مسرح اليوم. والاشتغال مع فنانة كبيرة مثل ثريا جبران. لا يمكن للمرء إلا أن يستفيد منها، إنها فنانة كبيرة مغربيا وعربيا. كما اشتغلت مع فرقة مسرح اليوم (التي تمثل فيها ثريا جبران) بسخاء ومازلت أشتغل معهم.
ولكنك غائبة عن التلفزيون؟ كان من المفروض علي أن أحافظ على مستواي. هذا بالإضافة إلى أنني أتخوف من التلفزيون، لأن عشرين مليون مغربي يشاهده، بمعنى أنني سأقتحم بيوت هؤلاء. لذا أعتقد أنه من المفروض على الفنان أن يقدم الحد الاقصى من موهبته لهؤلاء الناس. ومع الأسف، كل ما اقترح علي من أدوار سابقا للعمل في التلفزيون لم يكن في مستوى ما أطمح إليه. حاليا، ومع التغيرات التي حدثت في الأعمال المقدمة لي، قبلت وسأبدأ بتصوير عملين مع التلفزيون مسلسل مع المخرجة المغربية فريدة بورقية وشريط مع المخرج سعد الشرايبي.
أدوارك السينمائية تتسم بالجرأة والثورة على القيم. بمعنى أنك تختارين نمطا معينا من النساء، هل لهذا ارتباط بتكوين شخصيتك، بمعنى تماه بين منى فتو الممثلة ومنى فتو الإنسانة؟ هذا مؤكد. هناك قواسم مشتركة بيني وبين هذه الشخصيات، ربما لهذا السبب تجدني منجذبة لمثل هذه الشخصيات. أعترف أنني متمردة. أظن أن جميع الفنانات والفنانين، وبلا وعي منهم، ينجذبون لأدوار يجدون فيها قواسم مشتركة مع شخصياتهم.
التمرد على القيم ألهذا علاقة بمنى فتو الإنسانة وهل تهتمين بقضايا مجتمعك؟ طبعا، أهتم بمجتمعي. لأنني وطنية، أحب وطني وعندي غيرة عليه. أريده أن يتقدم ويغير نظرته للطفل وللمرأة... فالأدوار التي أتقمصها تتسم بالثورة على القيم، أحاول قدر الاستطاعة أن أساهم كإنسانة وكفنانة في أعمال تهم الفئات المحرومة والجمعيات التي تهتم بالمرأة والطفولة.
أين تجد منى فتو نفسها في المجتمع المدني؟ أنا محايدة. عندي انفتاح على جميع التيارات. ألاحظ التغييرات التي تحدث، أفضل الحياد. الفنان في نظري يجب أن يتوخى الحياد، كل موقف فني للفنان يجعله يفقد الاستقلالية الفكرية ويجعله تابعا لا متبوعا. كإنسانة، أحب أن أبقى حرة وأؤدي واجبي كوطنية.
ألهذا السبب رفضت الاشتغال في آخر عمل مسرحي لفرقة مسرح اليوم"الجنرال"، الذي يعتبر امتدادا للخطاب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي. حيث المسرحية تجسيد لخطاب حزبي؟ كانت هناك ظروف صحية وعائلية أعاقت مشاركتي.
أنت واحدة من الفنانات التي تنعتها الصحافة النجمة، هل تحسين بأنك نجمة أم أن ذلك مجرد حبر على ورق؟ النجومية بمقاييسها المعترف بها في المغرب. فللنجم شروط كي يتحقق. النجم يخلق ويصنع من قبل مؤسسات عن طريق الإعلام وهذا يدر عليها مالا وفيرا. في المغرب، لم نبلغ بعد هذا المستوى.
في اعتقادك أهو سؤال كفاءة أم غياب مؤسسات صنع النجم؟ إنها مسألة وجود مؤسسات لصنع النجومية. هناك كثير من النجوم في العالم ليسوا نجوما، في المقابل، هناك الكثير من الممثلين المغاربة يملكون مقومات النجم وليسوا نجوما. في المغرب لا وجود لمؤسسات صانعة للنجم. هذا بالإضافة إلى أننا لا نملك عقلية"خلق النجوم".
خلق نجوم يرتبط بامتلاك وكيل مكلف بالأعمال، هل تملكين وكيلا يسهر على أعمالك الفنية؟ أملك أصدقاء أحترم وأثق في ثقافتهم وصدقهم، أستشيرهم. في رأيي لا يمكن شراء أصداف المعطف أولا ثم خياطة المعطف على مقاس الأصداف، يجب خياطة المعطف أولا. لو كنا ننتج في المغرب إنتاجا سينمائيا ومسرحيا وتلفزيونيا كبيرا لأصبح آنذاك الوكيل ضرورة. الآن أرى، أنه لا داعي للوكيل.
لنتحدث عن مشاركاتك في أعمال أجنبية، هل سبق لك وأن شاركت في أعمال عربية مشتركة؟ شاركت في أفلام فرنسية. عملت مؤخرا في فيلم سينمائي "والآن سيداتي آنساتي سادتي"لكلود لولوش. أما في أفلام عربية فلم يسبق لي أن شاركت. ولدي رغبة في هذا، لكن الفرصة لم تحن بعد.
في مجتمع كالمجتمع المغربي ترتفع فيه نسبة الأمية، هل يحتاج مجتمع كهذا إلى الفن؟ يمكن للفن أن يساهم في الحد من الأمية، وأتحدث عن الأمية على مستوى الذوق، يجب أن نحارب هذه الآفة(الأمية). لنبدأ بالأمية على مستوى الذوق. فالعمل الفني يحوي الكثير من الخطابات التي قد تتحول لخطابات تعبوية. نفس الشيء بالنسبة للصورة التي يمكنها أن تشارك في وعي المواطن.
كيف يمكن للفنان أن يقوم بذلك، وهو غير معترف به؟ حدثت تطورات مهمة بالنسبة لهذه الوضعية. إنني مقتنعة بأن الأمور في تحسن. خذ على سبيل المثال السينما، لقد انتقلنا من إنتاج فيلم واحد سنويا إلى 12 فيلم سنويا، وهذا تطور مهم.
من موقعك كفنانة، كيف ترين وضعية المرأة؟ إنها وضعية غير مطمئنة. حقوقها مهضومة. ليست القوانين هي التي تهضم حقوقها بل تطبيق هذه القوانين هي التي تجحفها. وضعية المرأة تتغير بالتربية، الكثير من النساء يعملن خادمات في بيوتهن، يجب تعليمهن وإعطاؤهن الفرصة في المساهمة في تسيير كل قطاعات الدولة عن طريق نظام الكوتا.
وماذا عن وضعية الفنون بصفة عامة بالمملكة؟ مع لأسف لم تحظ بما يستحق. هناك تهميش يطال بعض الفنون. حقيقة فالمغرب وخلال سنوات يعيش تغيرات سياسية، هناك تحولات مهمة تهم الشأن الثقافي. فمع مجيء محمد الأشعري (وزير الثقافة) بدأت تتضح انتعاشة سينمائية ومسرحية وموسيقية وتشكيلية من خلال تخصيص صندوق دعم وتقديم أغلفة مالية وتنظيم العديد من المهرجانات. هناك تغيرات وإن كانت في حاجة إلى عمل وتطوير.
من وضعك كفنانة كيف ترين الواقع السياسي المغربي؟ المغرب يعيش تغييرا حقيقيا على المستوى السياسي. وسيكون له انعكاسات إيجابية على كل الميادين.
ككل الفنانات لك العديد من المعجبين، كيف يتلقى زوجك تعبير المعجبين لك في الشارع؟ كرجل قد تثير فيه بعض الغيرة. ولكن ليست الغيرة المضرة. يتفهم الموقف. ثم أن المعجبين لا يبدون تصرفا مخلا يضر بكرامة زوجي كرجل.
زواجك بالمخرج سعد الشرايبي هل جاء لأن كلاكما جاء من الفن؟ زواج صدفة. لم أكن أفكر أن أتزوج بمخرج. وقع لقاء وتفاهم وحب.
ماذا يمثل لك ابنك؟ إنه أهم شخص في حياتي.
بالنسبة لك الفنانة المغربية ككل النساء تقوم بأشغال البيت والتمثيل معا أيبدو لك هذا منطقيا؟ لا أعتبر ما أقوم به في البيت تعب، مفروض، بل أقوم به بحب. أحب المطبخ وأهيئ الطبخ المغربي وأحب تهيئ المعجنات الإيطالية، وهذا ما يفسر وزني (تضحك لأنها تتبع حمية).
الرباط- أحمد نجيم
الممثلة المغربية منى فتو: واقعنا السياسي في تغير مستمر