موضوع: أركانة" صرخة من أعماق البادية المغربية الجمعة مايو 30, 2008 6:15 am
قبل أن تعين بأيام قليلة كوزيرة للشؤون الثقافية في الحكومة المغربية الحالية، كانت حينها الممثلة ثريا جبران تصور دورها الرئيسي في شريط "أركانة " للمخرج المغربي حسن غنجة بقرية " فناس" بمنطقة تاليوين: ناحية تارودانت بالمغرب، ولم تعلم أبدا أنها ستكون ضيفا فوق العادة في افتتاح الدورة التاسعة للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، وفيلمها مشاركا في المسابقة الرسمية لهذه التظاهرة الوطنية التي أصبحت سنوية بعد التماس تقدم به المركز السينمائي المغربي لصاحب الجلالة محمد السادس ووافق عليه.
فيلم "أركانة" يحيلنا بديهيا على تلك الأفلام التي عالجت قضايا الثورة والمقاومة (الأفلام الكوليونالية)، خاصة أفلام الثورة الجزائرية مع المخرج المبدع محمد لخضر حامينة في فيلمه المتوج بالسعفة الذهبية في مهرجان " كان السينمائي" ، ألا وهو " سنين الجمر"، والفيلمين المغربيين: " أوشتام" لمحمد إسماعيل و " بامو" لإدريس لمريني، والفرق بين هذين العملين هو غياب العمليات الحربية في ثنايا فيلم "أركانة"، ويبقى تذكار المواجهة عبارة عن صور لماض حالك استنطقه المخرج حسن غنجة عن طريق " الفلاش باك " أو الرجوع إلى الماضي، من خلال أحداث مأساوية عاشتها " تامغارت" (= ثريا جبران)، هذا بالإضافة لتعمده ربط الماضي الأليم بالواقع البغيض، بالرغم من خروج المستعمر وبقاء بعض ذيوله تتحكم في مصير البلاد والعباد. تتلخص فكرة فيلم " أركانة " الذي استغرق التحضير الأولي له ستة أشهر كما صرح المخرج حسن غنجة، أضف إلى ذلك عملية التصوير التي استغرقت بدورها مدة ليست بالهينة، والتي انخرط فيها سكان قرية " فناس" بكل عفوية وروح تضامنية مع المخرج الذي اختار تاليوين فضاء رحبا لإنجاز فيلمه "أركانة"، حيث يحكي هذا الشريط قصة تامغارت (= ثريا جبران) امرأة مسنة ذات عزم وحكمة ووقار، قاومت المستعمر سنين طويلة ورفضت الركوع والاستسلام بالرغم من اغتيال زوجها على يد الغزاة، هذه المرأة المعروفة بتامغارت لازالت تقاوم صروف الدهر دون أن تنوء، من خلال تصديها لمؤامرة الخائن حمو (= حميدو بن مسعود) الذي يتاجر في المؤونات المدعمة من طرف الدولة والممنوحة للأهالي الفقراء بالمناطق النائية والمعزولة بالمغرب العميق، وكمثال على ذلك اليوم منطقة " أنفكو" التي حاصرتها الثلوج السنة الماضية بالأطلس، وحمو الرجل المعروف بصفقاته المشبوهة والمرتبطة بالقرى الجنوبية، يتصدى له رشيد (= محمد مروازي) الشاب المغترب الحاصل على الدكتوراه في علم النبات، يعود أخيرا إلى قريته وجذوره الأصلية، ليكتشف بمعية " أمغار الإبن"(= يونس مكري) مؤامرة تحاك ضد بلدته وبيئتها البرية، تقضي بشق طريق تخترق القرية وتجتث أشجار الأركان، ويقف هو وباقي سكان القرية في وجه حمو وتسلطه. إجمالا، يحيط حسن غنجة وهو صاحب الفكرة بقضايا يعيشها المغرب الآن في عدد من القرى والمداشر المترامية الأطراف من تراب هذا الوطن، والتي لاتزال تحتضن أمثال حمو وآخرون.