مفاهيم وبواعث
ما هو التمثيل؟
في الواقع، يصعب تحديد مفهوم (التمثيل. أو تقديم تعريف واضح ودقيق له، فهو قابل لتعريفات وتأويلات متعددة ومتباينة، وفق منظور كل ممثل ودارس ومنظر.
بعض الممثلين يعترفون بغموض ماهية ومعني التمثيل:
ناستاسيا كينسكي: (لا أفهم ما هو التمثيل إلا حين أمارسه... وأحياناً لا أفهمه حتى عندما أمارسه)
جليندا جاكسون: (التمثيل لا يخدمك بل أنت الذي تخدمه. التمثيل ليس حياة فاتنة أو متعة عظيمة أو شيئاً من هذا القبيل. أنا لا أعتبره لعبةً أو شيئاً تفعله في يوم ماطر، وهو أيضاً ليس استعراضاً للتباهي ولفت الأنظار. قد أعرف ما لا يكونه التمثيل، أو ما ليس له علاقة بالتمثيل، لكنني لست على يقين تام من أنني أعرف ما هو التمثيل. لو سألت أي ممثل أو ممثلة عن ماهية ومعني التمثيل فإن كل ممثل سوف يقدم وجهة نظر مختلفة، والغالبية منهم سوف يقولون: لا نعرف.. إنه لغز متواصل. (1)
جوان وود وارد: (التمثيل أشبه بالجنس.. عليك أن تمارسه، لا أن تتحدث عنه) سيمون سينوريه: (حين يسألونك أن تفسر التمثيل، الكلمات تصبح غير وافية. لا ينبغي أن تفسر هذا اللغز بداخلك)
إيزابيل أوبير: (التمثيل طريقة لتجسيد جفوننا)
كلينت إيستوود: (التمثيل ليس فناً عقلانياً على الإطلاق. إنه حيواني تماماً. إنه ينبع من الجزء الحيواني من الدماغ)
كيرك دوجلاس: (التمثيل خاصية طولية.. شيء يفتقده أغلبنا فيما نتقدم في السن ونشيخ. نحن جميعاً نرتدي طبقة خارجية، مظهراً خادعاً، فيما نكبر. هذا يغطينا، يسترنا، ويعزلنا. لا نكون منفتحين كما الأطفال. نخفي عواطفنا وأحاسيسنا فيما نكبر. لذا فأن التمثيل هو تعلم العودة إلى الطفولة. أن تكون مثل الطفل.. أكثر تفتحاً)
مارشيلو ماسترواني: (أظن أن الممثلين مجرد أطفال يلهون بالإيهام ويقن`عون أنفسهم.. بسبب ذلك تحت تظل بسطاء مثل الأطفال)
جيرار ديبارديو: (التمثيل ليس مهنة، إنه شغف، حيث يبدأ الشغف في الانطفاء، ويزول الحافز، عندئذ لا ينبغي للمثل أن يستمر في التمثيل)
جين مورو: (التمثيل ليس حرفة على الإطلاق.. إنه أسلوب حياة)
بل أن بعض الممثلين يذهبون إلى حد الارتياب في كلمة (تمثيل. نفسها، ويرونها خاطئة، خالية من المعني ولا تعب`ر بدقة عن حقيقة ما يفعله الممثل.
يقول الألماني كلاوس كينسكي: (التمثيل عبارة خاطئة. ربما هي موجودة لأنها أصبحت متداولة، ولأن كل شخص يستعملها، لكنني لا أستطيع أن أفهمها أو أن أعترف بها)
ويقول النمساوي كلاوس ماريا براندور: (التمثيل تعبير خاطئ. لا أؤمن بهذا المفهوم. إنك تمارس شيئاً كما لو أنه حقيقي. ويتعين عليك دائماً أن تفتح عينيك وقلبك للعالم من حولك، وأن تجعله حقيقياً.
هنا - حسب اقتراح هؤلاء البعض - يمكن أن تحل عبارة (الكينونة. محل (التمثيل.. إنه لا يمثل الشخصية بل يكونها. لا يؤدي بل يعيش. لا ينتحل أو يحاكي مظاهر وعواطف وانفعالات، إنما يمتزج بالشخصية بحيث تبدو نابعة من أعماق ذاته. هذه الكينونة تبدو بسيطة وصعبة في آن، ذلك لأنها تقتضي من الممثل أن يكون صادقاً في مشاعره، أن لا يزيفها، أن لا يلجأ إلى بنائها. إنها تتطلب ببساطة أن يخلق حالة فيها يتحرر ويكون نفسه، أن يخلق عالماً فيه يصبح الممثل والشخصية شخصاً واحداً.
كلاوس كينسكي يشبه نفسه بالغابة وهي في حالة تخلق : (كل ما يوجد، من حيوانات وأشجار وغيوم، تسكن بداخلي لأنني جزء من كل شيء. وكل ما يولد ينبثق من الجزء الأعمق من ذاتي. وإذا أنا استخرجت هذا الدور أو ذاك، فإن ثمة ملايين من الأدوار تظل متروكة هناك. إنني أشعر بهذا جسدياً وحسياً.
حول فن التمثيل السينمائي خرجت بعض النظريات والمناهج والدراسات التي تتناوله من مختلف الجوانب والمستويات. ويمكن من خلال كل هذا استنباط معانٍ ومدلولات عديدة ومتنوعة، وربما متناقضة، ولهذا يتعين على المرء تجنب التسليم بمفهوم واحد أو، اتجاه واحد، وتبن`يه وفرضه، بل السعي - عوضاً عن ذلك. إلى تأمل هذا الفن.
بمختلف أبعاده ومعطياته وأساليبه، والإقرار بتعدده وتنوعه.
***