موضوع: 'تريكت البطاش' اعتمد أسلوبا فلسفيا غامضا الأربعاء أكتوبر 01, 2008 7:20 am
كانت سلسلة "تريكت البطاش"، الدراما الاجتماعية, كما أشارت إلى ذلك العديد من المصادر الإعلامية، من بين الأعمال الرمضانية، التي راهنت عليها القناة الثانية.
التي أنتجتها وأكدت أنه كان منتظرا أن تحقق نسبة مشاهدة معينة، إلا أن ما جرى، حسب ما أفاد به عدد كبير من المواطنين المغاربة لـ "المغربية"، كان عكس ما قيل وما خطط له.
وعزت المصادر نفسها ذلك إلى ميوعة الأحداث، والاعتماد على الحوارات الفارغة من المعنى، ومحاولة طرح فلسفة غامضة، وعدم التصاق السيناريو بأحداث المسلسل، ما أفقد العمل جماليته وميزته، رغم أن موضوع القصة يتمحور حول قضية مهمة، وهي تخلي الأب عن مسؤولياته وتأثير ذلك السلبي على الأسرة وعلى المجتمع.
وحسب ما جاء في مطبوع الإعلان عن المسلسل، فإن "تريكة البطاش"، مقتبس عن رواية "الإخوة كرامازوف" للكاتب الروسي دوستوفيسكي، يحفل "بحكايات متعددة وأحداث متشابكة، ستفضي بالبطل الرئيسي في آخر المطاف، إلى نهاية مأساوية".
وذكر بعض الملاحظين أن مسلسل "تريكت البطاش"، لم يحقق النجاح نفسه، الذي بلغه مسلسل "وجع التراب"، لأن طريقة حكي الأحداث تعتبر بعيدة عن تصوير الواقع المغربي المعاش، لأن سرد قصة الأب وعلاقته مع أبنائه، وطريقة الحديث عن المشاكل والصراعات، قدمت بطريقة باردة، لا حيوية فيها، بل إن سرد الكلام يأتي على لسان شخصيات حلقات المسلسل وكأنها من لسان البطل، كما لو كان وحده يتحدث في المسلسل، خصوصا الابن، حارس العمارة، بالإضافة إلى أن الاجتهاد المبالغ فيه، ربما استجابة للرغبة في منح السيناريو معنى متميز وجعله كلاما موزونا ومقفى، أذهب الحوار ميزته الفنية، وأبعده كثيرا عن الموضوع الأساسي.
يبدو أن شفيق السحيمي أراد أن يفلسف الأحداث عن طريق الكلام وعن طريق الاجتهاد في صياغة جمل تحمل معاني غريبة، يصعب فهمها من طرف المتفرج العادي، إلا أنه لم ينجح في ذلك إلى أبعد الحلول، ولو أنه سار على درب "وجع التراب"، وحرص على أن يكون حوار الشخصيات ملتصقا بالأحداث ويصور الواقع كما هو، لكان حقق نجاحا كبيرا، ولكان سهلا على المتفرج فهم المعنى المراد تبليغه من خلال كلام الشخصيات.
ويرى بعض المهتمين بمجال الفن، أن شدة الاهتمام بتنميق الكلام والمبالغة في سرد الحوارات الفارغة من المعنى، بالإضافة إلى البحث عن الألغاز والمعاني لتمييز الحوار بين شخصيات المسلسل، أذاب أهمية العقدة التي تحوم حولها أحداث العمل.
ويرى المهتمون ذاتهم أن المتفرج المغربي، الذي يعشق الأعمال الوطنية، كثيرا ما يجد نفسه، عند متابعة حلقات "تريكت البطاش"، تائها في دوامة الحوارات الغامضة والمتفلسفة، عكس ما كان عليه الأمر بالنسبة لسلسلة "وجع التراب"، التي تجاوب معها المتفرج المغربي بمختلف مكوناته.
مثال على ذلك اللقطة، التي جلس فيها أحد أبناء البطاش في زاوية المقبرة، خلال مراسيم دفن معلمه الفقيه، فأتى أحدهم وسأله عن سبب حزنه الشديد وعزلته، ليجيب بكلام غريب يعبر عن فلسفة يصعب فهم معانيها الحقيقية، إلا على كاتب السيناريو نفسه.
وعبر عدد ممن استجوبتهم "المغربية" من المواطنين، حول رأيهم في المسلسل، عن أسفهم جراء خيبة الأمل، التي أصابتهم بعد مشاهدة أولى الحلقات، وأنهم تخلو عن مشاهدته بعد أن صعب عليهم تتبع خيط سرد أحداث المسلسل.
وذكر معظمهم أن العمل لم يصل إلى المستوى نفسه، الذي كان بلغه عمل "وجع التراب"، الذي حقق نسبة نجاح مهمة لدى المتفرج المغربي، بل إن تقييم المختصين له كان متميزا.
وللتذكير، فإن مسلسل "تريكت البطاش"، يحكي قصة رجل ثري يعشق حياة اللهو والمجون ولا يبالي بشؤون أسرته وبمسؤوليته كزوج وأب. زوجته لم تعد قادرة على تحمل الوضع، فهربت رفقة رجل آخر وتركت ابنها عند حارس العمارة، لكنها لن تتمتع بحياتها كثيرا, إذ سرعان ما ستصاب بمرض السرطان, الذي سيؤدي بها إلى الموت. يشعر الأب بالوحدة، فيقرر الزواج مرة أخرى. الزوجة الثانية ستعاني بدورها من العنف, الذي كان يمارسه عليها ومن لامبالاته القاتلة لتلقى بعد ذلك مصير الزوجة الأولى وتترك له ولدين.
يرتبط الأب بعد ذلك للمرة الثالثة، لكن العلاقة ستكون هذه المرة غير شرعية وستكون نتيجتها ولد اسمه "سلام". تتوالى الأحداث، وتمر السنون، ويكبر الأبناء، وتبدأ الصراعات التي ستفضي إلى نهاية مأساوية، بين شخصيات لعب الأدوار الرئيسية فيها عدد من الممثلين، بمن فيهم نعيمة إلياس، ومصطفى اهنيني، وعبد الرزاق الربولي، ومحمد الطالب، وطارق البخاري،ومصطفى الخليلي، والسعدية أزكون، ونجاة الوافي، وجميلة شريق، ومولاي الطاهر الأسبهاني.
المسلسل عبارة عن اقتباس من رواية "الأخوة كارامازوف" للكاتب للروسي، فيودور دوستوفسكي، ارتأى شفيق السحيمي أن يختار له عنوان "تريكة البطاش"، الذي سبق أن شوهدت منه بعض الحلقات في رمضان المنصرم تحت اسم " صيف بلعمان".