يصادف المهرجان الدولي للفيلم بمراكش هذه السنة صدور تقرير المجلس الأعلى للحسابات عن الأداء المالي للمركز السينمائي المغربي. وصراحة التقرير تدفع إلى التساؤل حول مصداقية الأفلام التي تدعم ويرويج لها، ومصداقية السياسة السينمائية ببلادنا التي لا تروق السينمائيين المغاربة لعدة اعتبارات يعرفها كل واحد منهم.
والتقرير تطرق أيضا إلى المهرجانات السينمائية التي تقام خلال السنة، ومدى استنزافها لمبالغ مالية مهمة تعتبر أموال الشعب الذي من حقه أن يلمس دورها في إنتاج سينما وطنية صادقة تنقل أفراحه وهمومه وتطلعاته بدل أفلام تنقل لنا إيهامات بعض المخرجين التي تأتي أحيانا صادمة ومنفرة للجمهور.
لكن يجب الإشارة أيضا إلى الجانب المعنوي والقيمي/الفكري للمهرجانات السينمائية التي تفرض قيم ورؤى متناقضة مع تلك التي تتجذر في كيان المجتمع المغربي. وهنا أريد التطرق إلى مهرجان مراكش الدولي؛ الذي يعتبر بالفعل إحدى أهم التظاهرات السينمائية العالمية بشهادة الجميع، تخدم السينما المغربية بالأساس. لكن حين تصبح هذه التظاهرة أداة لتمرير خطاب إيديولوجي معين على أرض عربية إسلامية تحترم جميع الثقافات الأخرى وتنفتح عليها، فالأمر يستوجب إعادة النظر في برامجها. وأقصد هنا بالخصوص إدراج أفلام مروجة للفكر الصهيوني ولا أقول اليهودية التي عاشت على أرض المسلمين دون صدام، والأندلس من قبل والمغرب اليوم خير دليل.
قلت إن هذه الأفلام تعتبر تعسفا على نفسية وثقافة المغربي الذي يعرف جيدا أن فلسطين أرض محتلة من قبل الصهاينة الذين ينكلون بالفلسطينيين شر تنكيل على مدى سنين، والذي يعرف أيضا أن هذا الصراع هو صراع بين الحق والباطل ولا يمكن حجب هذه الحقيقة عن العالم.
ولذلك، فهذه الأفلام تحاول تزييف الحقائق التاريخية من قبيل أن لا حق للفلسطينيين في أرضهم وأن القدس عاصمة ''إسرائيل'' الأبدية، وأن تهجير اليهود إلى فلسطين هو أمر إلهي، إلى غير ذلك من الأساطير المؤسسة للفكر الصهيوني.
كنا نتمنى أن يدرج المهرجان أفلاما تكشف عن مشاكل ''المجتمع الإسرائيلي''، وتخبطه في العنصرية والفقر والأزمات النفسية والحرمان من الاستقرار بسبب واقع الاحتلال الذي يريد تغيير التاريخ من أجل بقائه. أفلام لمخرجين من داخل المجتمع الإسرائيلي أوليهود معارضين لقيام ''إسرائيل''.
كنا نأمل أن ينتهي المهرجان من الإتيان بأفلام مازالت تطرح رؤية استشراقية متجاوزة للعالم العربي الإسلامي، ترفض الاعتراف بأن هذا العالم من الكرة الأرضية يتغير؛ لكنه يظل متشبثا بقيمه. الذي قلته هنا ما هو إلا تعبير عن رأي العديد من الفنانين والسينمائيين المغاربة الذين يحبون هذا البلد بإخلاص، ويتطلعون أن يستجيب مهرجان مراكش لمتمنياتهم الدفينة.
مصطفى الطالب