موضوع: كيف تكتب سيناريو سينمائي جزء 3 الإثنين ديسمبر 10, 2007 12:58 pm
العوامل التي تتحكم في السيناريو: يراعي السيناريست في بناء قصته ثلاثة عوامل رئيسية، وهي: التوازن، والتوقيت، والاقتصاد. ويعني هذا أن قصة السيناريو لابد أن تكون متوازنة في عناصرها متناسقة في محطاتها السردية التي تستند إليها الحبكة القصصية. فالتوازن هو الذي يحقق النجاح للفيلم، فالعناصر لابد أن تتضام وتتشابك داخل نسق فيلمي متوازن في علاقة بالتوقيت والمتفرج الذي لايستطيع متابعة الفيلم في جلسة واحدة أكثر من ساعتين. كما يستوجب التوازن مراعاة عدد المشاهد في علاقتها بمدة الفيلم وطول شريط السيلولويد، وتحقيق الانسجام بين البداية والعقدة والنهاية، وضبط الوقت بشكل متوازن بين مشاهد البكرة الأولى والبكرة الثانية والبكرة الثالثة. ويقصد أوزويل بليكستون بالتوازن: " القصة المتكاملة التي تترك المتفرجين قانعين بأن كل عنصر من عناصر القصة قد نال نصيبه من الأهمية. والتوازن والتوقيت يتداخلان. ولكن من الممكن أن تجد توقيتا جيدا في قصة ما دون أن تجد فيها توازنا جيدا.". ويفهم من هذا التعريف أن جميع العناصر المكونة للقصة ينبغي أن تكون متوازية ومتوازنة. وللتمثيل: فالفيلم الذي يستغرق ساعتين يتكون تقريبا من 120 مشهدا، كما ينبني السيناريو على ثلاث محطات سردية أساسية وهي: البداية ، وعقدة الحبكة أو مايسمى بالصراع، والنهاية التي فيها يتم حل المشكل الذي يواجهه البطل أو الشخصية المحورية. فإذا أردنا أن نقسم هذه المشاهد بشكل متوازن، علينا أن نعطي الأهمية الكبرى للصراع مع الإكثار من مشاهده بالمقارنة مع البداية والنهاية. لذا، نخصص للبداية والنهاية ثلاثين مشهدا، بينما نخصص للصراع ستين مشهدا باعتباره أهم مرحلة في عملية الكتابة السردية والمعالجة الدرامية المعقولة. ويضفي هذا التقسيم على الفيلم نوعا من التوازن على مستوى التقبل والقراءة. كما أن الاتساق والانسجام ووضوح المقروئية بالإضافة إلى المتعة والفائدة من العناصر التي تساهم في توفير التوازن الهرموني والتركيبي للفيلم السينمائي. أما التوقيت فهو عنصر مهم في بناء السيناريو، فكل لقطة أو مشهد أو مقطع أو بكرة لابد أن يخضع فضاؤها السردي للتوقيت المقنن والمحدد بطول مدة الفيلم الذي يتراوح بين 90 و120 دقيقة في جلسة واحدة. فمن المعهود أن المتفرج لايمكن أن يجلس أكثر من هذه المدة ؛ لأنه يحس بالملل والضجر والضيق أمام الأفلام الطويلة. ويمكن للكاتب في مجال الرواية أن يكتب الكثير من الصفحات بل مجلدات، فهو غير مقيد بالوقت؛ لأنه حر في كتابته التخييلية، فهو يكتب لقارئ ضمني متفرغ للكتابة. ولكن السيناريست غير حر فهو مقيد بمدة الشريط ومدة الفيلم، ومقيد كذلك برغبة المتفرج الذي لا يستطيع أن يجلس أكثر من ساعتين ؛ لأن له جلسة واحدة محددة زمنيا ومؤسساتيا وسيكولوجيا وعضويا. إذاً، لابد أن يراعى السيناريست التوقيت أثناء كتابة الجملة السردية السينمائية و يكيفها حسب مدة العرض، ولابد أن يراعي وقت المشاهد وغيرها من العناصر الأخرى التي تدخل في إطار صناعة الفيلم. وعليه، " يضع كاتب السيناريو خطة لفيلمه الذي يستغرق مدة زمنية تقريبية، ثم يقسم خطته إلى عدد محدد من اللقطات. وفي الوقت نفسه، يتحتم عليه أن يكون لديه فكرة تقريبية عن طول كل لقطة. وغالبا ما يتحدد طول اللقطة على أساس الحس الفني الذي اكتسبه كاتب السيناريو من طول المران وتمكنه من ناحية التوقيت. كما أن هناك قاعدة عامة تحتم التركيز على المشاهد الهامة وذلك بإعطائها زمنا أطول للعرض. أما عن توقيت دخول الشخصيات وخروجها، وكذلك المناظر، فإن كاتب السيناريو ليس مقيدا بقيود الدراما المسرحية.". أما الاقتصاد، فهو عنصر مهم في بناء السيناريو، وله علاقة وطيدة بالتوقيت. إذ يستلزم السيناريو الابتعاد قدر الإمكان عن التفاصيل والأوصاف الدخيلة الزائدة والأحداث الجانبية غير المهمة وانتقاء العناصر البارزة التي تخدم الفيلم والحبكة السردية سواء من قريب أم من بعيد. فلا أهمية للتفاصيل والإسهاب والإطناب في الوصف والتشخيص ؛ لأن المقام يستوجب التركيز والتكثيف والإيجاز وتحويل ماهو عاطفي أو ذهني إلى ماهو حركي ، بله عن الاختصار في الجمل والابتعاد عن الأحداث الفضفاضة الزائدة أو الأحداث الانسيابية في الطول والاستمرار التي تتطلب كثرة الوقت، وبالتالي، تؤثر على مدة الفيلم وإيقاع عرضه. وللتوضيح أكثر: لو أخذنا مشهد الأم وهي تطبخ الكسكس في مطبخها ، فهل سنذكر كل التفاصيل، وننتظر متى ستنتهي الأم من ذلك الطبخ.؟ بل علينا أن نلخص كل ذلك في لقطتين سينمائيتين: 1- وضعت الأم الكسكس على النار. 2- 3- أزالت الأم الكسكس عن النار. 4- ومن ثم، فانتقاء المعلومات عملية مهمة في تحقيق الاقتصاد والتوازن للفيلم السينمائي. وفي هذا الصدد يقول صلاح أبو سيف في كتابه القيم:" كيف تكتب السيناريو؟":" الكاتب المجيد يستطيع أن يلخص المعلومات كلها إلى ماهو مهم ويستطيع أن يحكي قصته في حيز أصغر من الحيز الذي يحكي فيه الكاتب العاجز عن انتقاء المعلومات الضرورية. ومادام حيز الفيلم محدود، فإن الكاتب الذي يعرف كيف يختار المعلومات الضرورية يستطيع أن يحكي أكثر عن التطورات والأحداث، من الكاتب الذي تضطرب في رأسه المادة القصصية المحملة بخير المعلومات المهمة. وقد يعطي الكاتب لحادث واحد معلومات قليلة أو القدر الصحيح من المعلومات ليس حتما هو القدر الضروري ليجعل المشهد مفهوما. وحتى نستغل قيمة الموقف لايكفي أن نجعل الموقف مفهوما، ولكن يجب أن يكون مؤثرا وممتعا أيضا. وفي حين لابد من معالجة وسائل التعبير بأكثر الطرق اقتصادا، فلابد أن تكون كمية المعلومات معتدلة وليست موزعة." وبناء على ماسبق، نستشف أن السيناريو الناجح لابد أن يتكئ على ثلاثة مقومات أساسية لايمكن التفريط فيها أو التغاضي عنها أو الاستغناء عنها ، وهي: الاقتصاد والتوازن والتوقيت.
الحر الأبي
المساهمات : 31 تاريخ التسجيل : 04/06/2008
موضوع: رد: كيف تكتب سيناريو سينمائي جزء 3 الخميس يونيو 05, 2008 4:54 pm