موضوع: ممثلاتٌ خارقات الأربعاء نوفمبر 26, 2008 2:17 pm
اختـُـتم المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، في دورته الثامنة، فانتشر المدعوون، في أرض الله الواسعة: منهم من عاد إلى روسيا أو الصين، محملا بالجوائز، ومنهم من ركب القطار متوجهاً إلى الرباط أو الدار البيضاء، حيث مقاهي «المثلث الأحمر»، «شهرزاد» و«فرنسا». بعضُ الأصدقاء رأوا أن على المهرجان أن يطرح أسئلة جوهرية تهم الغاية منه، مـُـشيرين، في سخرية، إلى أن الرابح الأكبر، من تنظيم هذه التظاهرة، يبقى المقاهي القريبة من قصر المؤتمرات، والتي قتل فيها معظم الفنانين والمدعوين المغاربة أكثر من الوقت الذي خصصوه لمتابعة الأفلام المبرمجة. ولاحظ آخرون أن البساط الأحمر، الذي يقود إلى قصر المؤتمرات، شكل معبراً تركزت عليه عدسات المصورين وعيون المتفرجين، وهم يعاينون كيف تحول الحدث إلى عرض يومي ممل للأزياء التقليدية المغربية، نقله من عالم السينما إلى دنيا الموضة. ومن حسن الحظ أن المهرجان ظل، على امتداد دوراته، يمنح المتتبعين فرصة وضع المقارنات، وهو يستقبل ممثلين وممثلات من مختلف الجغرافيات، الشيء الذي وفر فرصة للتعرف على جواب لسؤال: «لماذا معظم أفلامهم رائعة ومعظم أفلامنا تافهة؟». هذه السنة، مثلا، كانت الممثلة الأمريكية سيغورني ويفر نجمة اليوم الثالث من فعاليات المهرجان، بعد أن تحدثت في مؤتمر صحافي وتابعت، مع جمهور ساحة جامع الفنا، جانباً من عرض الأجزاء الثلاثة من أفلام الخيال العلمي: «أليان»، «أليان، العودة» و«أليان، الانبعاث»، قبل أن تتسلم «النجمة الذهبية»، في أمسية التكريم. انتقدت ويفر، خلال الندوة الصحفية، فترة حكم الرئيس جورج بوش، من دون أن تخفي سعادتها بفوز باراك أوباما، وحين طلبْـتُ وجهة نظرها بشأن الصورة النمطية التي ترسمها هوليود للعرب والمسلمين، أجابت بقولها: «إنها، فعلا، صورة محرفة، بشكل مبالغ فيه، تحكمها دواعي دعائية وكثير من الرغبة في الإثارة»، مشددة على أن «هناك حاجة إلى تغيير هذا الوضع، فالتركيز على العرب هو واقع يصدمنا، وينبغي أن نغيره مع الرئيس الجديد». وما بين جرأة الحديث وطلاقة اللسان، ظل يشع من عيني سيغورني ويفـر بريق لامع يختصر ذكاءً والتزاماً، وهو ما جعلها تكرر في سعادة بالغة: «نعيش ثورة في أمريكا، بعد انتخاب باراك أوباما. اليوم، لدينا «بـََرََكة»، ولا يسعنا إلا أن نأمل في عالم تسوده الحكمة والسلام والمساواة». والجميل أنه في نفس مكان الندوة الصحفية، لكن ضمن فعاليات الدورة السادسة للمهـرجان، انتقدت ممثلة أمريكية أخرى، هي سوزان ساراندون، أجواء الخوف المسيطرة، آنذاك، في الولايات المتحدة الأمريكية، في أوساط الممثلين وكتاب السيناريو والمخرجين، وقالت إن أغلب الفنانين والمفكرين الأمريكيين، الذين رفعوا أصواتهم ضد سياسة البيت الأبيض، سواء في ظل الديمقراطيين أو الجمهوريين، ظلوا عرضة لمضايقات وتحرشات متعددة، مؤكدة أنها لم تتأثر مطلقاً بسيل المضايقات وحملات التشهير التي تعرضت لها، وأن إصرارها زاد، في سبيل المجاهرة بمواقفها والدفاع عنها، حتى إن المضايقات وصلت حد التعرض لأبنائها وتعيـيـرهم بالقول: «إن أمكم تعشق أسامة بن لادن». وأذكر أن ساراندون حاولت، في ذلك اللقاء، أن تعطي تعريفاً لمعنى الالتزام، كما تؤمن به، فقالت إنها ملتزمة مع نفسها، من أجل أن تعيش مرتاحة لقناعاتها واختياراتها في الفن والحياة. وما بين الدورة السادسة والدورة الثامنة، وإضافة إلى الهيبة التي تشترك فيها سيغورني ويفر وسوزان ساراندون نجدهما تلتقيان في النضج الفكري والقدرة على الجهر بالمواقف والدفاع عنها، الشيء الذي ينم عن ثقافة عالية وشخصية قوية ترسم حدوداً للمبادئ والقناعات، تجعلك تقتنع بأن الفرق بين سوزان الأمريكية وخديجة المغربية يوجد، هنا، حتى ولـو فـُرش أمامهما نفسُ البساط وجمعهما نفس العشاء وسـُـلطت عليهما نفس الأضواء، خلال نفس المهرجان. عبد الكبير الميناوي