موضوع: 'كازانيكرا' يتخطى حاجز 150 ألف تذكرة رغم القرصنة الخميس فبراير 12, 2009 7:48 am
ناهز عدد المقبلين على فيلم "كازانيكرا" 150 ألف مشاهد، منذ عرضه في مختلف القاعات السينمائية المغربية، رغم تعرضه للقرصنة.
واستضاف الناقد السينمائي المغربي، محمد سكري، أول أمس الثلاثاء بالدارالبيضاء، مخرج الفيلم، نور الدين لخماري، في الدورة الثالثة لـ"ثلاثاء السينما"، الذي تنظمه مؤسسة "أونا"، في إطار مشروعها الثقافي الرامي إلى الانفتاح على عالم السينما المغربية.
وقال سكري إن اختيار لخماري ضيفا لهذا الموعد المخصص للإبداع السينمائي، ولمهنيي القطاع، يعود إلى موضوع فيلمه الجديد، "كازانيكرا"، وما تركه من ردود فعل متباينة في أوساط الجمهور المغربي. من جهته، اعتبر لخماري أن فيلمه "صورة صادقة للواقع المغربي، الذي تحبل مشاهده اليومية بمختلف التناقضات"، مشيرا إلى أن نجاح الفيلم يكمن في تلقائيته وواقعيته، وعبر عن ارتياحه للاستقبال "الجيد" للفيلم من قبل الجمهور، الذي ناهز 150 ألف مشاهد، منذ عرضه في مختلف القاعات السينمائية المغربية، رغم تعرضه للقرصنة.
وأكد لخماري أن قرصنة الفيلم جرت من خلال تسريبه من داخل مؤسسة الإنتاج "سيكما"، من طرف مجهولين تمكنوا من نسخه من القرص الصلب لأحد حواسيب المؤسسة، مضيفا أن المنتج علي الكتاني أنجز الإجراءات اللازمة.
وكانت لجنة خاصة لمحاربة القرصنة، تضم ممثلا من المركز السينمائي المغربي، ورئيس الغرفة المغربية لمنتجي برامج السمعي البصري، وأعضاء من مكتب حقوق التأليف ومندوبيهم بمختلف المدن المغربية، ورئيس الشرطة القضائية، وقائد المقاطعة، ورجال القوات المساعدة، وموظفين من مكتب الاقتصاد من العمالة، شنت حملة تطهير واسعة، شملت "جوطية درب غلف" بالدارالبيضاء، و"جوطية باب الحد" بالرباط، إضافة إلى مدن مراكش ووجدة. وتقديم حوالي ثمانية متورطين للعدالة، مع مصادرة مئات الآلاف من النسخ المقرصنة لأفلام وطنية مازالت تعرض بالقاعات، بينها فيلما "كازانيكرا"، و"كل ما تريده لولا" لنبيل عيوش، وأخرى أجنبية لكبار المخرجين العالميين، إضافة إلى عدد كبير من الأفلام الخليعة.
وفي سياق حديثه عن مساره الإبداعي، الذي بدأه سنة 1995 بسلسلة أفلام قصيرة استحسنها نقاد السينما بأسلو، تحدث لخماري عن تجربته في الإخراج، بدءا من فيلمه الأول " نظرة "، ومسلسل أفلام "القضية"، الذي حاول من خلاله تكريم المرأة المغربية، ورد الاعتبار لها، انطلاقا من تقديمها في دور ضابطة شرطة قوية وذكية وجميلة، أيضا، معتبرا أن السينما المغربية "لم تصور إلا تلك المرأة الضعيفة المكسورة، التي تندب حظها، وتجري وراء المدونة لاسترداد حقوقها المسلوبة".
وأسر لخماري أن عنوان فيلمه الجديد " كازا نيكرا "، كان من وحي أمه، حينما قالت له "هذيك ماشي الدارالبيضاء، راها الدار الكحلة"، ولم ينس المخرج أن يعبر عن حبه "العميق" للدارالبيضاء، التي يرى أنها كانت، ومازالت، مصدر إلهام لكبار الفنانين بمختلف توجهاتهم.
ورغم أن الفيلم عرف إقبالا واسعا من الجمهور، لجرأته وجودة صنعه، إلا أنه لم يسلم من انتقادات تمحورت حول طبيعة الحوار، الذي كان عنيفا وصاخبا، غلبت عليه مختلف كلمات السب والشتم النابية، تكرر بعضها أزيد من 100 مرة خلال مدة العرض البالغة 122 دقيقة، مشكلة أكثر من 50 في المائة من الحوار. كما تخللت الشريط بعض المشاهد المنفرة، مثل مشهد إدريس الروخ وهو يمارس العادة السرية، إضافة إلى لقطات أخرى ساخنة بين كريم وغيثة. وأخذ بعض المتتبعين على الفيلم تقديمه لمدينة الدارالبيضاء بصورة سيئة.
وحسب المخرج، فإن "كازانيكرا" يكشف عن الوجه الآخر للدارالبيضاء، "التي تحبل بمختلف التناقضات". وعن مكامن القوة في الفيلم يقول لخماري إن "أهم ما يميزه هو قوة الصداقة بين كريم وعمر، التي توحد بينهما وتمنحهما الإصرار والعزيمة لمواجهة كافة العراقيل أمام تحقيق أحلامهما"، مشيرا إلى أن هناك نقطة أخرى تميز الفيلم، هي جماليته، وهو ما أجمع عليه النقاد، الذين اعتبروا الفيلم عملا متقنا.
ورغم محاولة لخماري إعطاء صورة "حقيقية" للدارالبيضاء كما هي الآن، فهو يسعى إلى تكريم المدينة من خلال دق ناقوس الخطر أمام ما يهدد جمالها، المتجلي في معمارها التاريخي، المنتمي إلى الحقبة الفرنسية "الآر ديكو".
وبذلك يكون "كازا نيكرا" مساءلة للذات، ومحاولة لتعرية واقع طالما كان متواريا، وإن حاولت أعمال أخرى رصده. الجديد في الفيلم، حسب عدد من المهتمين بالسينما، هي تلك التلقائية التي برزت في تشخيص الممثلين، الذين أثنى عليهم الخماري ونوه بشجاعتهم ومهاراتهم في الأداء، مؤكدا أن المشاهد الساخنة بين غيثة التازي وأنس الباز لم تكن مجانية، أو لغرض الإثارة فقط، بل جاءت في سياق الحبكة الدرامية، منوها بأداء محمد بنبراهيم، الذي رأى فيه "ممثلا كبيرا، لم تستطع السينما المغربية اكتشاف مهاراته بعد"، دون أن ينسى الممثل الصاعد عمر لطفي، الذي تنبأ له بمستقبل واعد، وإدريس الروخ، الذي كانت له الشجاعة لأداء دور رفضه سبعة ممثلين. كما وصف جميع الممثلين بالمتعاونين، مشيرا إلى أن نجاح الشريط جاء نتيجة جهود كبيرة، شارك فيها الجميع.