موضوع: 'خربوشة'بالقاعات السينمائية المغربية السبت يوليو 25, 2009 11:16 am
عرف الفيلم المغربي "خربوشة" للمخرج حميد الزوغي، إقبالا جماهريا مكثفا، خلال عرضه الأول بالمركب السينمائي "ميكاراما" بالدارالبيضاء، يوم الأربعاء المنصرم.
وكان الفيلم، الذي يعرض حاليا، بالقاعات السينمائية المغربية، شارك في العديد من المهرجانات الوطنية والدولية، منها مهرجان طنجة للفيلم الوطني، الذي منحه جائزة أحسن أداء، ومهرجان تطوان لسينما البحر المتوسط، كما عرض في العديد من الملتقيات، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة.
وقال حميد الزوغي إن فيلم "خربوشة"، كلف أزيد من 400 مليون سنتيم، وهو مبلغ هزيل لا يكفي لإنتاج فيلم تاريخي ضخم تدور أحداثه في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، مضيفا في تصريح لـ"المغربية" أنه استطاع أن يحقق حلمه بإخراج أول عمل سينمائي روائي طويل، خلال مسيرته الفنية، رغم الصعوبات المادية، التي واجهته أثناء وبعد تصويره للفيلم، مشيرا إلى أنه حدد سيناريو فيلمه في تراث العيطة أولا، وفي سؤال المواجهة بين المرأة والسلطة.
"خربوشة" كانت تحارب بالكلمة في مواجهة بنادق السلطة، يقول المخرج ومؤلف القصة "فضلنا أن تكون النهاية مفتوحة على الآمال رغم وفاة البطلة". "خربوشة" تموت، لكن بعد أن حركت التمرد بـ "عيوطها" الثائرة، وبعد أن نجحت في تعبئة الناس لإسقاط الظلم، الذي يجسده "القايد" الطاغية عيسى بن عمر. لقد تطلب منح "خربوشة" حياة جديدة على الشاشة الفضية جهدا كبيرا على مستوى السيناريو، والإخراج أيضا.
من جهته، أكد الناقد السينمائي خالد الخضري، كاتب السيناريو، أنه قضى سنوات عديدة في إعداد المادة، انكب خلالها على جمع "العيوط" المشتتة لتركيب فصول حكاية خربوشة، علما أن جل نصوص "العيطة" شفوية خلاف قصائد الملحون والآلة، التي نالت حظها من التدوين.
واعتبر الخضري أن المخرج حميد الزوغي "توفق إلى حد بعيد في معالجته الإخراجية للمادة المكتوبة، رغم قلة الإمكانيات المادية، التي رصدت للفيلم، مقارنة بطابعه الملحمي التاريخي الضخم".
ويتناول فيلم "خربوشة"، الذي كتب سيناريوه عبد الباسط، وخالد الخضري، وأدى أدوار البطولة فيه كل من النجمة هدى صدقي، التي حازت جائزة أحسن أداء، وحنان بومعيزة، وعباس كامل، وعبد اللطيف الخمولي، وعبدالوحد السانوجي، وعبد العاطي المباركي، وآخرين، قصة امرأة غير عادية في زمن غير عاد، امرأة تحدت طغيان وجبروت قائد إحدى أكبر القبائل المغربية، في وقت لم يكن فيه بالإمكان الاحتجاج أو الشكوى، خصوصا من طرف "شيخة". القائد اسمه عيسى بن عمر، والمرأة هي الشيخة حادة الزيدية، الملقبة بـ"خربوشة"، وهي السبب في تخليد اسمه في الذاكرة الشعبية المغربية، من خلال أغانيها الجميلة اللاذعة، وصوتها القوي.
الفيلم تدور أحداثه خلال حقبة تاريخية حرجة، هي نهاية القرن التاسع عشر المتسمة بالحروب القبلية التي عرفتها بلاد "السيبة"، ويتوخى إعادة الاعتبار للغناء الشعبي العفوي، الذي أرخ لمرحلة بكاملها.
يرقص الشريط على لحظات الغواية الحميمية الثنائية، ولحظات المقاومة ورغبة الثأر والانتقام، ونجد الغواية مجسدة بحيلها المقبولة والمرفوضة معا. فأحيانا يستعمل سلاح الإغراء بما أن القائد كان رجلا وسيما وعالما وعاشقا للسهرات الغنائية، فيستقدمها لقصره ويمنحها كل ما تريد، ويستعمل القمع أحيانا بالسجن القاسي والحكم بالجوع والعطش. فـ"خربوشة" الني أدت دورها الممثلة القديرة هدى صدقي، أقسمت على أن تنتقم لقبيلتها بأي ثمن. وفي أحد المشاهد التي أريد لها أن تكون قوية بالتحدي، حيث القائد جالس إلى حاشيته في ليلة أنس وسمر، طلب منها أن تغني، وكان له ما أراد، لكن صور مقتل والدها وإذلال أبناء قبيلتها، الذين يتعرضون لمختلف أنواع القهر والتنكيل لم تفارق مخيلتها، ليتغير البرنامج فجأة ويتحول إلى هجاء للقائد، الذي جسد دوره الممثل عباس كامل ونعته بنعوت مهينة، الشيء الذي لم يجرؤ أحد على القيام به من قبل.
وهنا، تتجلى لحظات مقاومة الظلم والطغيان، بحيث ينتقل الشريط إلى الفضاء الخارجي، ليمنح صور القبيلة الأخرى وأفرادها وهم يعدون العدة للثأر، بعد أن هاجت في نفوسهم حماسة القتال والدفاع عن الكرامة، إثر ما قامت به "خربوشة"، التي أشعلت فتيل الرد في كل القبائل المعروفة كالشاوية وعبدة ودكالة وحمر، التي رددت أغانيها، إذ لم يعد ممكنا الركون للصمت والقبول ببطش القياد، الذين تزعزعت هيبتهم، وترنحت ليس بالسيف أو العلم، لكن بغناء "شيخة". خالد لمنوري