يختلف التصوير كثيراً عن البروفات لأسباب عملية كثيرة, منها الإضاءة, وحركة الممثل والكاميرا, مما يجعل خبرة التمثيل ذاتها تختلف كثيراً عن التدريب. فعلي سبيل المثال, من الممكن أن تعوق حركة الممثل مكونات الموقع من أثاث, و ديكور ثابت, ... الخ. ومما يزيد الأمر صعوبة أن هناك مشاهد يتم تصويرها بدون إجراء بروفات, لذلك علي المخرج أن يكون مستعداًلتقديم المساعدة للممثل حتى يتمكن من مواجهة هذه المشكلات .
القيادة : من أوليات العمل في موقع التصوير بالنسبة للمخرج أن يكون قائداً مقنعاً لكل العاملين من الممثلين أو سواهم , فهذا يزيل التوتر , ويبعث الثقة بين العاملين في الفيلم . وتتطلب القيادة السليمة , حسن التواصل مع العاملين بالفيلم , والقدرة علي استخراج قدراتهم الإبداعية , وتشجيعهم علي بذل أقصي مجهود . ويتضمن التواصل إعلام العاملين بأية تغييرات قد تطرأ علي جداول التصوير أولاً بأول. فمن أسوأ ما يمكن أن يواجه الممثل تحديداً ألا يعرف بالضبط ماذا يجري حوله .
من المسموح في موقع التصوير استخدام كل أساليب تحفيز الممثل التي تستخدم في البروفات , مع ملاحظة أن الوقت في موقع التصوير يساوي الكثير من المال , لذلك يجب حل أية مشكلة بأقصى سرعة ممكنة , ويفضل أن يتم التخاطب بوضوح وبأسلوب مباشر بين طاقم الفيلم .
التحكم في الأداء :
هناك العديد من اللقطات التي لا تتطلب التحضير قبلها , لأنها لا تحتوي مشاعر يفترض من الممثل أن يعبر عنها , مثل لقطة يرفع فيها سماعة التليفون , أو يغلق باب الغرفة بشكل روتيني , ومن الأفضل أن يتم اختصار الوقت بتصويرها مباشرة .
- أسلوب الإلقاء : وكما ذكرنا من قبل , يجب أن يقوم الممثل بالأداء من خلال شخصية متكاملة يخلقها داخله , لكن في بعض الأحيان يكون هناك أكثر من طريقة لإلقاء الحوار . فمثلاً إذا كان الكلام لشخص غاضب , عندها يمكن أن ينطقه الممثل بسرعة كبيرة للتعبير عن ثورته , أو يضغط علي أسنانه وهو ينطق ببطء . ومن المحتمل أن يقرر المخرج أن علي الممثل أدائها بأسلوب معين , بينما يري الممثل العكس , وفي هذه الحالات يفضل أن يستمع المخرج للممثل بعقل متفتح , لأن النتيجة ربما تكون جيدة بشكل لا يتوقعه المخرج . وإذا لم يكن الأمر كذلك , من المكن أن يقترح المخرج علي الممثل تجريب طريقة أخري في الأداء , وسوف يستجيب له , لأن رغبة الممثل في الإجادة هي دافعه الأول .
-الإيماءات : من الممكن أن تكون إيماءة أو لمحة بسيطة من ممثل علي درجة كبيرة من الأهمية والقدرة علي الإضافة إلي المعني , وغالباً ما تكون هذه الفكرة وليدة اللحظة , لذلك يجب أن يحاول المخرج التحكم في هذه التفاصيل المؤثرة , حتى تظل في إطار الشخصية ,ولا تبدو مصطنعة في الوقت نفسه .
- السكتات : أحياناً يكون سكوت الممثل في نفس أهمية الكلام , بل وربما أكثر توصيلاً للمعني . ويدفع الصمت المتفرج إلي إعمال عقله لتخمين مشاعر الشخصية في لحظات سكوته .
- الإيقاع : كما قلنا , فإن إيقاع أداء الممثل لا يخضع لخطط محددة , وإنما تحكمه المشاعر التي تحكم الشخصية نفسها في أي من المواقف التي تمر بها . وكثيراً ما يحدث أن يؤثر الضغط العصبي علي أداء الممثل , ويتسبب في الإسراع , أو الإبطاء بالإيقاع دون مبرر. وينعكس هذا بالتأكيد علي باقي الممثلين. ولابد أن يراقب المخرج هذه الظاهرة في المرات الأولي التي يقف فيها الممثل أمام الكاميرا, وعند اللقطات الأولي للممثلين معاً. ولهذا السبب يفضل بعض المخرجين أن يبدءوا بمشاهد لا تحتوي علي انفعالات قوية .
- تتابع الأداء : من المعروف أن التصوير عادة لا يلتزم بترتيب المشاهد الموجودة في السيناريو , ثم يتم ترتيبها خلال المونتاج ,ولكي يبدو القطع منطقياً , فلابد أن يكون هناك تتابع في الحركة والإضاءة يضمن انسياب اللقطات أمام عين المتفرج . ويمكن أن نقول نفس الشيء عن الأداء التمثيلي , فمن المهم أن يحافظ الممثل علي إحساسه في نفس الاتجاه , وبنفس الدرجة . كما يجب الانتباه لتوافق الحوار مع حركة الممثل من لقطة لأخرى . وأي خلل في هذا التتابع كفيل بأن يسبب مشكلة للمونتير عند القطع. ولتسهيل تدفق الأداء بصورة طبيعية , يفضل أن يحافظ المخرج علي تقطيع اللقطات بشكل يتناسب مع تقطيع جمل الحوار كما اتفق عليها مع الممثل .
ولتوضيح الفكرة، لنفترض أن المونتير لديه لقطتين, إحداهما للممثل جالساً وهو ينطق بنصف الجملة الأول, والثانية له واقفاً وهو ينطق بالنصف الثاني , عندها سيصبح من الصعب أن تتطابق اللقطتان . وحتى لو حاول المونتير معالجة هذه المشكلة , فلن تكون النتائج مرضية لذا يتحمل المخرج مع الممثل مسئولية تتابع الأداء.
مشاكل الممثل :
رغم أن الكلمة الأخيرة في الأداء تعود للمخرج , إلا أنه كثيراً ما يقاوم الممثل سيطرة المخرج عليه. وإذا كان الأغلب أن يتم حل هذه الخلافات في وجهات النظر من خلال المناقشة , فمن المحتمل أيضاً ألا تحل بسهولة . وتتراوح المشاكل التي يمكن أن يواجهها المخرج مع ممثليه من الخوف أو الرهبة التي قد تعتري الممثل, إلي محاولات قد تحدث من جانب الممثل للسيطرة علي موقع التصوير .
- الخوف : يرجع خوف الممثل من تعديل أداءه غالباً, إلي شعوره بعدم الثقة في قدرته علي أداء المطلوب, أو قلقه من اختلال فهمه للشخصية ,إذا كان يري أن المطلوب يتعارض معها . ويجب علي المخرج التعامل مع هذا الموقف بصبر وحرص شديدين , والعمل علي بناء جسر ثقة بينه وبين الممثل , لتشجيعه علي الأداء المطلوب .
الرغبة في السيطرة : من الصعب التعامل مع الممثل الذي يرغب في فرض سيطرته علي موقع التصوير , ولابد من التعامل معه بحكمة حتى لا يؤثر سلباً علي باقي مجموعة العمل التي ربما يفقد أفرادها إيمانهم بالعمل كله إذا تفاقمت الخلافات , لذا يجب أن يتعامل المخرج بهدوء وحزم مع الموقف .
وعموماً يجب أن يتعامل المخرج مع مشاكل الممثل مفترضاً أنه شخصياً ربما يكون متسبباً في أحد هذه المشاكل دون أن يدري . كما يجب أن يظهر المخرج احترامه للممثل أثناء التصوير , لأن هذا في حد ذاته قد يؤدي إلي تفادي مشاكل عديدة . في نفس الوقت لابد أن يتفهم المخرج أن المشاكل التي تبدو له بسيطة أو حتى تافهة , ربما تبدو للممثل كبيرة ومهمة . كما أن تراكم المشاكل دون حلها أولاً بأول يؤثر علي معنويات الممثل , وبالتالي علي أداءه . وكلما حرص المخرج علي فتح قنوات الاتصال والتفاهم مع أعضاء فريق التمثيل , كلما انعكس هذا بدون شك علي الناتج النهائي للعمل بأكمله .
arabfilmtvschool.edu.eg,