تقول إيمان المصباحي: "منذ طفولتي وأنا منبهرة بهذا العالم السحري ... عالم السينما الذي كان يمثل لي مجالا جميلا للتعبير عن المشاعر والتجارب الحياتية .. كانت السينما تأخذ خيال الطفلة والصبية إلى عوالم تبدو بعيدة عن الواقع الذي أعايشه .. ومن ثم كانت رغبتي في الدخول إلى هذه العوالم التي تخلقها السينما. أما التأثير الأساسي فكان من خلال نشاط والدي السينمائي عبد الله المصباحي حيث أتاح لي أن أحضر تصوير العديد من أفلامه وكنت أقوم بمتابعة ما يجري وراء الكاميرا وليس أمامها، ومن أهم الأفلام التي حضرت تصويرها وهي من إخراج والدي فيلم "الضوء الأخضر" و"سأكتب اسمك على الرمال"، "أفغانستان لماذا".
لقد كنت في مرحلة الدراسات الثانوية أقرأ سيناريوهات أفلام والدي، كنت أبدي رأيي في أحداثها، ساهمت هذه التجربة في خلق رغبة في دخول عالم الرواية، فأصبحت أقرأ بنهم كل ما يقع بين يدي من روايات عربية وأجنبية، بالإضافة إلى اللغة الفرنسية فقد قرأت كذلك باللغة الإنجليزية، وقد ساعدتني قراءة سيناريوهات أفلام والدي وكذلك حضوري مناقشات هذه السيناريوهات على التعرف على تكنيك كتابة السيناريو في مرحلة مبكرة."
وتضيف إيمان قائلة: "كان لابد من دراسة أكاديمية وافية، وقد أكتمل حلمي عن السينما عندما التقيت بأساتذة كبار ساهموا في تكويني مثل يوسف شاهين وصلاح أبو سيف ومحمود مرسي وتوفيق صالح وعبد العزيز فهمي، وفي نفس الوقت، كنت منجذبة إلى علم النفس والدراسات النفسية، وكان أن وقعت في حيرة كبيرة بعد حصولي على شهادة الثانوية العامة، هل ادرس السينما أم علم النفس، فقررت البدء بدراسة السينما ودرست معها فيما بعد علم النفس، وحصلت على بكالوريوس معهد السينما وكذلك على ليسانس علم النفس، الذي ساعدني كثيرا في سبر غور الشخصيات التي ترسم على الورق في السيناريو أولا، ثم في تجسيدها أمام الكاميرا."
كانت بداية العمل السينمائي لإيمان المصباحي إخراج فيلم في المغرب وهي ما زالت في السنة قبل الأخيرة بمعهد السينما تحت عنوان "آثار على الماء"، وهو فيلم روائي قصير يدور عن حياة الصيادين بقرية شمال المغرب، أما فيلم التخرج من المعهد فكان فيلما قصيرا بعنوان "حلم امرأة عربية". أما في مجال الاحتراف فكان أول فيلم روائي طويل لإيمان المصباحي هو "امرأة في دوامة"، ويتطرق لمشكلة الجهل وتهميش المرآة، وقد حصل هذا الفيلم في مهرجان أقامه اتحاد الإذاعة العربية بتونس على جائزة أحسن اخرج. ثم تلت الأفلام بفيلم "المرآة ذات الثوب الضيق"، وهو عن المرآة التي تكون أحلامها وتطلعاتها سببا في تدميرها. فيلم "امرأة تريد الطلاق" يتطرق إلى مشكلة استحالة الحياة بسبب عدم تطابق المستوى الثقافي والاجتماعي لدى الزوجين، وفيلم "امرأة بلا رجل" يتطرق للمرأة وصراعها من اجل البقاء في عالم الأعمال بدن مساندة الرجل. فيلم "السكرتيرة" يدور حول مشكلة المرأة ذات المستوى التعليمي المتوسط، وأخيرا فيلم "بيت الريح" عن تعارض أحلام جيلين، جيل الآباء وجيل الأبناء والصدام الذي يحدث عندما يقرر الجيل الأول مصادرة أحلام الجيل الجديد من أجل بقائه وتحقيق أحلامه.
بعد كل هذه العناوين عن المرأة في أفلام إيمان المصباحي، يبقى السؤال المطروح هنا هو: ماذا عن سينما المرأة في العالم العربي؟ الجواب طبعا عند إيمان التي تقول بهذا الخصوص: "لا أومن بهذه التسميات، فليست هناك سينما للمرأة وسينما للرجل، من وجهة نظري السينما أداة للتعبير عن واقع إنساني معاش يشترك فيه الرجل والمرأة معا، غير أنني قد أجد نفسي أكثر قدرة على التعبير عن عالم المرأة بحكم تكويني النفسي والفسيولوجي كامرأة، أما عن اختياري في أفلامي الأولى على الأقل لموضوع المرأة فقد كان من الطبيعي في ظل الواقع المزري الذي تعيشه المرأة أن انفعل بما تعانيه من تهميش وهضم لحقوقها الأساسية وان اختار التعبير عن هذه المشاكل بما تحمله من خصوصية في هذه الأعمال. لكن في اعتقادي المتواضع يبقى من الصعب أن يغير عمل سينمائي أو اكثر بنية مجتمع، ولكن يمكن أن يساهم في إعادة تشكيل الرؤية لهذا المجتمع من اجل محاولة تغييره للأفضل، واعتقد أن تغيير مستوى الوعي الجماعي يجب أن يساهم في تشكيله مجموع أجهزة الإعلام بما فيها السينما والتلفزيون والإذاعة والمسرح والصحافة، وكل وسائل الإبداع."
هذه هي إيمان المصباحي، مخرجة سينمائية مغربية اختارت التعبير عن مشاكل المرأة وما تعانيه من تهميش وهضم لحقوقها من خلال الكاميرا بدلا من أن تصبح طبيبة نفسية لعلاج هذه الظواهر، وقد وجدت المقالة التي نشرت في الشهر الماضي في النسخة الإنجليزية من جريدة "المغرب اليوم" تجاوبا مع طريقتها الفنية في التطرق لمشاكل مجتمعها، مما جعل بعض المخرجين السينمائيين في هوليوود يتصلون بالجريدة للحصول على عنوان إيمان المصباحي للتعاون معها في مشاريع سينمائية يعتقدون أن تجربتها وطريقة تعاملها مع موضوع المرأة سيثري إنتاجهم الفني القادم.[img]