مقدمة
يعتبر السيناريو هو الهيكل والإطار العام للفيلم , فقصة الفيلم وموضوعه يتحددان من خلاله , وكذلك الحبكة والشخصيات. وبذلك يكون السيناريو هو رسم باللغة والبناء العام لما سينفذ بالصورة والحركة. فالسيناريو يقدم للمخرج وغيره من الفنانين صانعى الفيلم، اللغة والأساس لتنظيم العمل السينمائي واتساقه.
وكاتب السيناريو هو الذي يعمل علي النص، وأحياناً يكون هو نفسه مؤلفه. فعمل كاتب السيناريو هو وضع الكلمات علي الورق ورسم الشخصية وتطورها بوضوح وكذلك تحديد البناء القصصي والتيمات. وقد يطلب المنتج من كاتب السيناريو عمل مسودة أو ما يسمي بالنص الاستكشافي speculative script لعرضها علي المنتجين .
تعد الخمسينات من القرن العشرين الحقبة الذهبية للتليفزيون , كانت زمن التجارب المستمرة المتتابعة , وكانت هذه التجارب تجارب حية . كان التليفزيون حينذاك شيئا جديدا دخل على ساحة الأتصال , وكان يسيطر عليها الراديو والصحف والسينما . وكان الراديو يتمتع بميزة الإنتشار وسرعة تغطية الأحداث , وكانت الصحف تسيطر على ميدان التحليل الأخبارى والرأى السياسى إلى جانب خدماتها الأعلانية , وكانت السينما وسيلة الترفيه الأولى وزاد الإقبال عليها مع دخول الصوت ونجحت فى معالجة الروايات والقصص والتأكيد على العنصر الدرامى , وكان يطلق عليها أم الفنون لإحتوائها على كل شئ . ودخل التليفزيون ساحة الصراع على جمهور الأذاعة والصحافة والسينما فسحب جمهورا كبيرا منهم . فلم يكن مجرد وسيلة إتصال تضاف إلى سابقاتها من الوسائل , بل أحدث وبكل المقاييس , ثورة أجتماعية حضارية تماثل الثورة التى أحدثتها المطبعة فى مسيرة الإنسانية .
طبيعة فن السينما والتليفزيون
طبيعة فن السينما :
نشأت فنون الرقص , والغناء , والدراما , والأدب , والموسيقى , والفن التشكيلي نشأة خاصة , فقد كانت نشأتها بين النخبة الممتازة من الناس . فلم يمارسها ولم يتمتع بها إلا الأرستقراطيون . أما السينما فقد نبعت من صالات التسلية البدائية فكانت نوعاَ من أنواع التسلية واللهو . ولعل نشأتها المتواضعة جعلت الخاصة تتجاهلها فى أول أمرها , ولكن سرعان ما استحال استمرار هذا التجاهل , إذ أن إقبال المتفرجين وضحكاتهم أخذت ترتفع , فأخذت السينما تكتسح ما يقف أمامها فى قوة الطوفان الجارف حتى صارت من أهم وسائل الإتصال السمعية والبصرية فى القرن العشرين . وللموضوع جذوره . . فقد وصف ليوناردو دافنشى فى مذكراته التى لم تنشر , والتى جاء ذكرها بالتفصيل فى كتاب " السحر الطبيعي " لمؤلفه جيوفانى باستاد بللا يورتا , والذى نُشر عام 1558 أصل الصورة السينمائية بقوله " إذا أنت جلست فى حجرة دامسة الظلام فى يوم مشمس , ولم يكن بالحجرة سوى ثقب بمقدار رأس الدبوس فى أحد جوانبها , استطعت أن ترى على الحائط المقابل للثقب , أو على سطح أخر فى الغرفة , ظلالاَ أو خيالات للعالم الخارجي : شجرة , أو رجلاَ , أو عربة عابرة .
وما أشبه جماعة من الناس فى غرفة مظلمة , يتطلعون فى دهشة وعجب إلى الخيالات المتحركة , بجماعة من المتفرجين فى قاعة مظلمة يشاهدون شاشة السينما , وهكذا كما نرى بدأت السينما بالصور فقط .وبقوة الصور لم تجد السينما الصامتة صعوبة فى إرضاء جماهير ضخمة .
وفى أول الأمر حاول السينمائيون أن يصوروا للمتفرجين المسرحيات برمتها , وكما هى , بل والكاميرا ثابتة على بعد محدد . وكان الممثلون يواجهون المتفرجين مواجهة تامة تماماَ كما يفعلون على خشبة المسرح . بل إن المشاهد كانت تبدأ بدخول الممثلين وتنتهي بخروجهم . كانوا يريدون الظفر بما فى المسرح من قوة ناتجة عن وجود الممثلين بلحمهم وشحمهم , فقد كان عرض العلاقات الإنسانية فى المسرحيات المصورة يثير فى نفس المتفرج الشعور بالتوتر ويغريه بالتعرف على نفسه , وهو المفتاح الذى يفتح مغاليق الإنفعال . فقد كانت مشكلة السينما الرئيسية هى عدم وجود متفرجين كما فى المسرحية . وبعد عدة سنوات تبينت السينما أنها تستطيع أن تفعل أكثر من تصوير المسرحية , بل أنها تستطيع أن تحول ضعفها إلى قوة . فعندما أدخل جريفث " اللقطة القريبة " , كانت دهشة المتفرجين كبيرة إلى حد دعاهم إلى الصياح " أين أرجل هذا الوجه ؟ .
ولكن السينما , مضت تخلق وتثبت تقاليدها الخاصة , والتى هى أشد ترابطاَ وثباتاَ من تقاليد المسرح , ثم كان تغير مكان الرؤية , فبعد أن يصور جزء من مشهد من زاوية معينة , يصور جزء أخر من زاوية أخرى وكان الخوف من ذلك أن يشعر المتفرج بالدوار - ولكن المتفرج لم يُبد أى تبرم على إعفائه من القيود البدنية المفروضة على الجسد , وقبل على الفور دور المتفرج المتحرك . . ينظر من جانب ثم ينتقل لينظر من الجانب الآخر , وينظر من بعيد ثم من قريب , مرة من داخل الغرفة إلى الخارج , ومرة أخرى من الخارج إلى داخل الغرفة , مرة من فوق كتف البطلة , ومرة أخرى من فوق كتف البطل .
وهكذا تحولت نقطة الضعف ( أى عدم وجود متفرجين ) , إلى نقطة قوة ( أى عنصر الحركة ) . كانت الحركة الذاخرة بالمعنى تأسر الإهتمام , بل إنها تخلق لدى المتفرج الشعور بالتوتر والإنفعال .ومع أن السينما كانت تتصف بالقوة منذ بدايتها , ولكنها عندما أصبحت ناطقة كبُرَ أتساع أهميتها كوسيلة تعبير . فالكلمات تستطيع أن تقوم بتوضيح الحركة ومعانيها , وبالجمع بين الصور الغنية بالتفاصيل والمعاني , وبين الكلمات التى تقول بطبيعتها شيئاَ واحداً فى وقت واحد , أكسب السينما قوة فريدة تعمل على إدماج المتفرج فى سيل دائم من التفكير والإنفعال وتجعله شريكاَ مشاركاَ إلى حد عظيم . وهكذا نراها وصلت باستغلال عدم وجود المتفرجين , إلى أن تتعلم كيف تنمى طاقتها المؤثرة فى العواطف . فكثيراً من المشاهد التى كان يراها المتفرج بارعة, انما كانت كذلك لأن المتفرج نفسه هو الذى يقوم بتمثيلها , وذلك لأن مجموعة اللقطات الغنية بالمعاني , استدرجته إلى نوع من الإنفعال تصبح فيها الأدوار متبادلة بينه وبين الممثل .
هكذا أصبح للسينما لغة لها أجروميتها ومفرداتها وحسناتها وبلاغتها ... حيث اللقطة هى الوحدة الأولية , ومن تراكيب هذه اللقطات تتكون المشاهد , وجمال اللقطة وانسيابها أو تصادمها مع اللقطة التالية ينتج معنى ما , يصر السينمائى أن يُشرك المتفرج معه فى استنتاج هذا المعنى فيصبح دوره إيجابياَ فى عملية التلقي , كما يملك السينمائى عناصر الموسيقى . . والمؤثرات الصوتية . . والإضاءة . . واللون . . والتمثيل . . والتكوين , وكلها عناصر تشكل مفردات اللغة التى يُكتب بها على الشاشة , وتشكل فى الوقت نفسه قنوات الإتصال بينه وبين المتفرج عبر السمع والبصر معا . وهكذا أصبحت السينما وسيلة سمعية بصرية أساسية من وسائل الإتصال الجماهيري , تناولت كل شريحة من شرائح المجتمع وعالجت كل موضوع ووصلت إلى كل جمهور. بل أنها أصبحت تستحق أن يُطلق عليها اسم " الفن السابع " .
طبيعة فن التليفزيون :
وصلت السينما إلى جمهورها الواسع فى بدايات القرن العشرين ولم تأخذ شكلها كفن ذو ملامح خاصة إلا فى العشرينات أما شاشة التليفزيون فقد ولدت فى العشرينات وانتشرت فى الأربعينات كسينما على الهواء مباشرة , ولم تصل إلى البيوت إلا فى الخمسينات. ومنذ البداية وكما اعتمدت السينما على تصوير العروض المسرحية , إعتمد التليفزيون على السينما , وورث كثيراً من تقاليدها , وعلاقتها بالجمهور , ثم علاقتها بالأفكار .
ولو بحثنا فى أساس كل من السينما والتليفزيون , لوجدنا أنها " الصورة " فشاشة السينما كالتلسكوب تفتش عن الأشياء البعيدة لتقربها , أما شاشة التليفزيون فهى كالميكروسكوب تفتش عن الأشياء الدقيقة وتحاول تكبيرها , ولذلك فهى تتيح للتلفزيوني ميزات لا يحصل عليها السينمائى , فالمتفرج يتعامل معها على انها صديق حميم تقربه من الأحداث الواقعية , وتفيض بالإنفعالات الصادقة والمشاعر النبيلة . ويقول رينيه كلير فى كتابه سينما الأمس وسينما اليوم ," فى الواقع أن التليفزيون يتمتع بميزتين : "الفورية" أى إمكانية بث حدث ما بثاً مباشراً , "والمودة" - أى إمكانية تقديم عرض , على ما يبدو , لمشاهد واحد ومن أجله وحده بينما يراه فى الحقيقة ملايين المشاهدين المتفرقين فى اللحظة ذاتها " . بل إنه يمثل ثورة أعظم فى ميدان الاتصال البشرى من السينما نفسها . ومنذ ظهور التليفزيون أُعيد تصميم غُرف الجلوس , وظهرت فى الأسواق كراسي خاصة له , وموائد صغيرة للأكل أثناء مشاهدته , وأطعمة مجمدة سريعة التجهيز. واستطاع التليفزيون أن يَشُد إليه اهتمام الناسُ بدرجةٍ هائلة عندما نقل إليهم سلسلة من العروض الحية الفورية التى حولت هذا الجهاز من لعبة غالية الثمن إلى ضرورة حقيقية . فقام بنقل المباريات الرياضية المهمة , والمسرحيات والأوبرات , وحفلات الموسيقى , والباليه , وهكذا أتاح للملايين فرصة الاستمتاع بما كان يقتصر على القلة المتميزة التى تستطيع أن تدفع ثمن تذكرة الدخول إلى الملعب , أو دار الأوبرا . ولم تقتصر مهمته على ذلك فقد قام بنقل مباشر للأحداث , التى لم يكن يحلم المتفرج بأن يراها إلا بعد حدوثها بوقت يسمح بتحميض الفيلم السينمائى وطبعه وعمل المونتاج له . ولكن وبشكل فوري نقل للمشاهد فى بيته حادث اغتيال قائد الحقوق المدنية مارتن لوثر كينج , ثم غطى أهم حدث فى الستينات وهو نزول أول إنسان حي على سطح القمر , لقد نقل كل هذه الأحداث فور وقوعها إلى المشاهد فى غرفة الجلوس وغرفة النوم وفى المطبخ أو حيث يوجد جهاز التليفزيون الخاص به .
وهكذا أصبح التليفزيون نافذة واسعة على العالم كما وصفه موريس ويجين ناقد جريدة سنداى تايمس الذى قال : " التليفزيون . . بديل للرحلة والصحبة بينما نحن منكمشين فى مخابئنا نستخدمه كمنظار نتبين به الناس والعالم". وقال نيوتن مينو رئيس لجنة الإتصالات الفيدرالية " إذا لم تعرف ما يجرى على شاشة التليفزيون فأنت تفتقد العالم كله" . وببساطة أُعطى المتفرج الإحساس بأنه ينظر إلى جزء من الحياة جديد عليه وغريب وهام , وأنه يلتقي بالناس ويرى الأشياء التى لولا هذه الوسيلة لَحُرِم من رؤيتها . وقد قام عالم الإجتماع جارى ستاينر بكتابة تقرير عنوانه " كيف ينظر الناس إلى التليفزيون " عن عادات الناس فى استخدام التليفزيون ومشاعرهم تجاهه فكان رأى الأغلبية : التليفزيون مدهش , إنه ببساطة شيء مدهش . لماذا لأن التليفزيون جاء بالدنيا كلها . إنني ببساطة أُحبه . أُحب كل شيء فيه أُحب أن أرى الرئيس,وهو أمر لم يكن متيسراَ من قبل.وأُحب الروايات , وببساطة أُحب كل دقيقة , انه أكثر الأشياء إثارة فى عمري . وهكذا أصبحت الفورية فى التليفزيون بمثابة صنبور يستمد من خزان كبير عام , مواد البرامج المأخوذة من الحياة مباشرةً ويصبها فى حجرة المتفرج .
كان التليفزيون يعرف أن من يريد أن يتحدث بلغة من اللغات عليه أن يتعلم قواعد النحو الخاصة بها , وكان يعرف أن مفتاح الطريق إلى الجماهير الكبيرة , وإلى اكتساب جماهير جديدة , هو التعرف الانفعالي, وهذا معناه الإعتماد على الدراما أى التحدث إليهم بلغة مفهومة . ومع أن التليفزيون استفاد من السينما لغتها لتكون لغته هو أيضاً ,فاللقطة بأحجامها المختلفة , ووسائل الربط بين هذه اللقطات المختلفة واحدة أيضاً والصورة تنتقل عن طريق عدد من الكاميرات . والتى لكل منها إمكانيات واسعة جداً فى الحركة والقرب والبعد والإرتفاع والإنخفاض . وهناك الإضاءةُ التى لا تلعب فقط دوراً فى إبراز الصورة ولكنها تستطيع أيضاً تجسيد الحالة النفسية للشخصيات والمُعَاونة فى رسم الجو العام للقطة أو المشهد , بالإضافة إلى إمكانيات المونتاج والمؤثرات الصوتية . إلا أنه عرف أنها تشكل فقط أساساً جديداً للغة معالجة درامية خاصة به ,. تختلف تماماً عن لغة المعالجة الدرامية فى السينما , عنها فى المسرح حتى أن الناقد آلان بريان يقول : إن الدراما التليفزيونية يتيمة جاءت ثمرة طلاق أبويها المسرح والسينما , ويجب على التمثلية التليفزيونية ولها عينا أبويها وأُذنا أُمها وفمُها الخاص - أن تكون قادرة على تحقيق قوة فردية مثيرة .
ويلخص إريك بارنو هذا الإختلاف فى كتابه الإتصال بالجماهير بقوله : عندما بدأ السينمائيون يعرضون الأفلام على شاشة التليفزيون تبينوا أن عليهم , أن يزيدوا من اللقطات القريبة المكبرة وأن يقللوا من اللقطات البعيدة . . فالفيلم السينمائى يُعرض على شاشة كبيرة عريضة . . أما فى التليفزيون فالمتفرج يجلس قريباً من الجهاز . . كأنه يجلس إلى صديق . ولذلك كان على الفنان التليفزيوني التركيز والإقتراب بهدف الوصول إلى العمق لتحديد طريقة تلقي المتفرج وتذوقه وتوجيه انتباهه . وحتم ذلك على الدراما التليفزيونية أن تستمد مادتها بطريقة مباشرة من الحياة فهى فن إنساني يرتبط بمشاكل الحياة الإقتصادية, والإجتماعية, والسياسية,والدينية ,والأخلاقية . كان عليها أن تحذف التفاصيل التى لا أهمية لها فى تطور الأحداث وبلورة الشخصيات , وكان على حركة الكاميرات ,والممثل ,والتكوينات أن تكون نابعة من داخل الموضوع وموظفة لتحقيق غرض درامي محدد وإيقاع جيد , حتى تستطيع أن تتوغل بلا استئذان إلى عقل وقلب المشاهد . حتى أن روبرت فريزر المدير العام لهيئة التليفزيون البريطانية يقول : يتم التوصيل بمستويين - هما المستوى العقلي حيث تدور المعرفة والآراء فى المجتمع , والمستوى العاطفي حيث يتولد الشعور بالعطف على الآخرين . . والتليفزيون قوة رهيبة فى كلا المستويين .
وفى رأى أُسامة أنور عكاشة كاتب السيناريو المصرى أن النص الدرامي فى التليفزيون لا يختلف عن النص الدرامي فى المسرح ,أو فى السينما من أنهما يعتمدان قواعد درامية واحدة وهى القواعد الأرُسطية من قواعد الدراما الكلاسيكية . ولكن الإختلاف يأتي من طول العمل , أى أنه إذا قَصُر يُصبح سهرة فى التليفزيون تأخذ تقريباً حيز المسرحية , وإذا طال يأخذ شكل مسلسل من سبع حلقات, أو عشرة ,أو عشرين حلقة ,أو أكثر حسب ما يقتضي الموضوع وهو تكرار لشكل ألف ليلة وليلة , أى أن شهرزاد تحكى لشهريار كل ليلة وعند جزء معين تعمل قفلة الحلقة وتعلقه لليوم التالى , وهذا شيء الإرتباط به متغلغل فى المثيولوجي الخاص بنا وفى فولكلورُنا , أى الحدوتة التى ترويها ستى وستك للأطفال قبل النوم .
ومن هنا نرى أن الدراما التليفزيونية تأخذ عدة أشكال منها : المسلسل , والسلسلة , والتمثيلية التليفزيونية . والموضوع هو الذى يفرض الشكل الذى يُقدم به , حتى أن أُسامة أنور عكاشة يتساءل : كيف أَكتُب مسلسل " ليالي الحلمية " فى فيلم سينمائى وكيف أَكتُب فيلم " كتيبة إعدام " فى مسلسل تلفزيوني...
والمسلسل ,كل حلقاته مُتَصٍلة وكل شخصياته واحدة ويتم تطوير الصراع والشخصيات منذ الحلقة الأولى حتى نهاية الحلقة الأخيرة ,ومع ذلك فكل حلقة تُمثِل دراما صغيرة كاملة وتتوقف فى أكثر الأماكن إثارة للإهتمام , وينتظر المتفرج بفارغ الصبر الحلقة التالية ليعرف كيف تطورت الأحداث . وفى رأى أُسامة أنور عكاشة أن كل حلقة يجب أن يكون متحقق فيها القواعد الدرامية, صحيح أنك مش مطلوب أن تصل إلى الحل فى نهاية كل حلقة , إنما يبقي هناك تنمية للحدث من بداية الحلقة إلى أخرها , ويبقى هناك تصاعد فى المشهد باستمرار , وهو ما يحقق السيطرة على المتفرج , لأنه سيخاف أن يتحرك أو يبعُد عن التليفزيون حتى لا يفوته شيء مهم " .
أما السلسلة ,فتكون حلقاتها منفصلة أى أنها بمثابة تمثيلية مستقلة لها بداية ووسط ونهاية , حيثُ تعتبر الحلقة الواحدة منهاعملاً درامياً كاملاً , لأن كل حلقة تبدأ ببداية جديدة ليست لها علاقة بنهاية الحلقة التى سبقتها , والعلاقة الوحيدة التى تكون بين الحلقات هى وجود شخصية رئيسية تقوم بالبطولة فى كل الحلقات , أو أن الموضوع الأساسي فى كل الحلقات واحد , وهى هنا قريبة الشبه بالفيلم السينمائي أى أن الحدث يتصاعد حتى يصل إلى الذروة الرئيسية مع نهايتها .
وأخيراً ما يهم هو الاستحواذ على الإنتباه والإهتمام , وإثارة الإنفعالات العميقة لتنشيط عملية التعرف لدى المتفرج .ويلخص ذلك مارتن أيلسن فى كتابه عصر التليفزيون حيث يقول : ان التليفزيون فى جوهره وسيلة درامية . ولكن يجب أن يكون عائلياً إلى حد كبير، مفهوم للجاهل ,والمتعلم ,والمثقف لأنه أصبح شريكاً بالقوة فى حياتنا العائلية , بل وفى كل جوانب حياتنا الفردية ,والإجتماعية , يتدخل فى كل شيء , ويترك بصماته الواضحة على قيمنا وسلوكنا وعادتنا واتجاهاتنا وأفكارنا .
وفى النهاية أستطيع أن أقول أن التليفزيون يلعب دوراً هاماً فى حياة المجتمع الحديث . ويوزع أدواره المختلفة الهامة فى حياتِنا بوجهتها الإجتماعية , ومعناها الثقافي . ومن وجهة النظر الجمالية , يحتل التليفزيون مكاناً خاصاً فى منظومة وسائل الإتصال الجماهيري , فلقد ظهر الراديو ولم يطرح أحداً سؤلاً جديداً حول ولادة فن جديد أما اليوم فإن الكثير من المنظرين يميلون إلى اعتبار التليفزيون فناً مستقلاً جديداً بل أن بعضهم أطلق عليه " الفن الثامن
منقول عن المدرسة العربية للسينما والتلفزيون